منتديات العيساوية - شجرة الأماني

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

قصة شجرة الأماني

اتفق محمد و هاشم و معتصم و الذين كانت أعمارهم تتراوح بين سبع و عشر سنوات

أن يلتقوا في الجانب الأيمن من البلدة التي كانوا يعيشون فيها

و ذلك للذهاب في نزهة في المنطقة الحـُرجية المجاورة لبلدتهم

ليمضوا فيها وقتا ً جميلا ً خاصة أنهم ملـّوا من الفراغ بسبب عدم وجود ما يشغل أوقاتهم في العطلة الصيفية

على غير عادته استيقظ محمد باكرا ً و نهض من فراشه مسرعا ً

ليوقظ أمه كي تساعده في تحضير لوازم الرحلة

خرج محمد مسرعا ً من البيت و كان يظن أنه قد سبق صديقيه حيث أنه قد سبقهم بساعة كاملة إلا أنه فوجئ بأنهما كانا ينتظرانه في المكان المحدد

انطلق الأصدقاء الثلاثة فرحين مستبشرين كانوا يخبئون سرا ً لم يخبروا أحدا ً عنه

و هو السبب الأساسي لقيامهم بهذه الرحلة ألا و هو أنهم سمعوا أن في نهاية تلك المنطقة الحـُرجية شجرة تسمى شجرة الأماني و هي تحقق كل الأماني

سار الأصدقاء و هم يتلفتون حولهم مستمتعين بمناظر الطبيعة حولهم و أصوات العصافير و منظر شروق الشمس و خيوطها الحريرية الحنونة تعلوا و تتدفق بين أغصان الأشجار . ساروا كثيرا ً منبهرين بما يرون و كأنهم يرون كل شيء لأول مرة فهم لم يعتادوا على المشي في هذا المكان في مثل هذا الوقت الساحر

حتى وصلوا إلى منطقة مرتفعة تعلوها شجرة عملاقة يظهر لمن يراها أنها تبلغ من العمر قرون

سعد َمحمد بالعثور عليها و أسرع بطلب أمنيته و كانت أمنيته أن يكون له قصر كبير فيه من كل أنواع الألعاب و أن لا يشاركه فيها أحد

أما هاشم فكانت أمنيته أن يكبر و يصبح رجلا ً فقد مل ّ من كونه صغيرا ً يتحكم به الجميع ليكون مـُلك نفسه بعيدا ً عن ( إذهب يا صغير , لن تستطيع فأنت صغير .....)

أما معتصم فقد تفاجأ بأمنيات صديقيه و لم يكن قد قرر بعد ما يريده فلديه كثير من الأمنيات ,و كان قد التهى بيده التي خـُدشت بإحدى الصخور. فجأة ً سطع نور كبير من بين أغصان الشجرة و التفّ حول كل واحد منهم

مثل كرة بلورية من النور حملت كل بلورة من فيها من الأصدقاء و طارت بهم و ارتفعت إلى الفضاء , ثم ذهبت بلورة محمد و بلورة هاشم و بقي معتصم معلقا ً داخل بلورته في الفضاء ولكنه كان يستطيع من مكانه رؤية ما يحدث مع صديقيه

وجد محمد نفسه في قصر جميل كبير مليء بمختلف أنواع الألعاب الكبيرة و الصغيرة و المراجيح و كل ما خطر و ما لم يخطر بباله وما حلم وما لم يحلم به

و بدأ يلعب هنا و هناك متنقلا ً بين الألعاب

أما هاشم فقد كان مستلقيا ً في فراشه حتى أحس بيد صغيرة تحاول إيقاظه ففوجئ بولد صغير يناديه " أبي " و يطلب منه أن يحضر له طعاما ً و دخلت امرأة إلى الغرفة صرخت فيه موبخة ً له حيث أنه رجل البيت و لا يزال نائما ً في حين لا يوجد ما يأكله أولاده الصغار . انتبه هاشم إلى أنه قد أصبح كبيرا ً و أن حلمه قد تحق فأخذ يقفز و يضحك وسط اندهاش ابنه وامرأته فهو رجل لكنه يتصرف كالأولاد الصغار

خرج هاشم من البيت ليحاول كسب رزقه و يحضر لعائلته المال و الطعام و لكنه سرعان ما أدرك أنه لا يعرف كيف و بماذا سوف يعمل فهو لم يكمل دراسته

و لم يكتسب الخبرة في أي عمل مهما كان صعبا ً أو سهلا ً فما العمل ؟

أخذ يدور في أرجاء المدينة علـّه يجد عملا ً و لكن عبثا ً حتى وصل إلى متجر كبير كان قد اجتمع عند بابه كثير من الرجل فأدرك أنهم يحاولون الحصول على عمل فوقف بينهم , و إذا به يفاجأ بأن العمل هو حمل البضائع الثقيلة ونقلها من الشاحنات إلى داخل المتجر , هبّ الرجال للعمل في حين وقف هاشم حائرا ً ثم قرر العمل معهم لكنه قوبل بالرفض من مراقب العمال فهو ليس بحاجة لمزيد من الرجال , فما كان من هاشم إلا أن بدأ بترجي المراقب و يشكو له حاله و عياله حتى سمح له بالعمل .

بد أ هاشم بحمل البضائع الثقيلة بصعوبة كبيرة و تذمر وسط ضحكات الرجال عليه

و عندما انتهى من العمل أعطاه المراقب أجراً زهيدا ً تذمر منه هاشم و لكن عبثا ً . عاد هاشم لبيته مسرورا ً متباهيا ً بما اشتراه لعائلته و كم كان سعيدا ً بفرحة صغاره عندما رأوا أنواع الحلويات التي اشتراها لهم و لكنّ فرحته قوبلت بالتوبيخ من زوجته عندما علمت أنه قد صرف جميع ماله على الحلويات و لم يشتري طعاما ً

و صرخت في وجهه حتى خرج مسرعا ً من بيته

و في القصر بعيدا ً عن كل هذا كان محمد قد سئم من اللعب و جلس يعاتب نفسه فهو يريد أن يشاركه أحد في اللعب بكل ما يملك من ألعاب وقد شعر بالملل رغم وجود كل ما حوله مما كان يتمنى

و في الفضاء كان معتصم ينظر إلى صديقيه متأملا ً , ثم تمنى أن يعودوا جميعا ً إلى بيوتهم و إلى ما كانوا عليه

انتبه معتصم على صوت أمه تحاول إيقاظه و تخبره بأنّ عليه النهوض قبل أن يتأخر على موعده مع صديقيه , لم يفهم معتصم ما حدث ثم ظن أن كل ما حدث معه مجرد حلم غريب

و عندما نهض من فراشه لفت انتباهه وجود خدش في يده !

بقلم
أبوالنون

اللهم صل ِ على الحبيب سيدنا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين