10-01-2008, 12:27 AM
|
#5
|
قلمٌ ثائر
|
الليلة الرابعة :
الشاعر الفلسطيني محمود درويش ورائعته بقية حياة ..
بقية حياة
إذا قيل لي: ستموتُ هنا في المساء
فماذا ستفعل في ما تبقَّى من الوقتِ؟
ـ أنظرُ في ساعة اليد
أشربُ كأسَ عصيرٍ،
وأَقضم تُفَّاحَةً،
وأطيلُ التأمُّلَ في نَمْلَةٍ وَجَدَتْ رزقها،
ثم أنظر في ساعة اليدِ
ما زال ثمَّة وقتٌ لأحلق ذقني
وأَغطس في الماء أهجس:
"لا بُدَّ من زينة للكتابة
فليكن الثوبُ أزرق"
أجْلِسُ حتى الظهيرة حيّاً إلى مكتبي
لا أرى أَثر اللون في الكلمات،
بياضٌ، بياضٌ، بياضٌ ..
أُعِدُّ غدائي الأخير
أَصبُّ النبيذ بكأسين: لي
ولمن سوف يأتي بلا موعد،
ثم آخذ قَيْلُولَةً بين حُلْمَينْ
لكنّ صوت شخيري سيوقظني ..
ثم أَنظر في ساعة اليد:
ما زال ثمّةَ وَقْتٌ لأقرأ
أقرأ فصلاً لدانتي ونصْفَ مُعَلَّقَةٍ
وأرى كيف تذهب مني حياتي
إلى الآخرين، ولا أتساءل عَمَّنْ
سيملأ نقصانها
ـ هكذا ؟
ـ هكذا ، هكذا
ـ ثم ماذا ؟
ـ أمشّط شَعْري، وأرمي القصيدة ..
هذي القصيدة في سلة المهملات
وألبس أحدث قمصان إيطاليا،
وأُشَيّع نفسي بحاشيةٍ من كمنجات إسبانيا
ثم أمشي إلى المقبرةْ !
|
|
|
|