[هدايه]

من الحكايات التي تروى عن حضور الذهن الفلسطيني تلك الحكاية التي رواها احد شعراء فلسطين الراحلين .. وهو معين بسيسو ان لم تخنّي الذاكرة..تقول الحكاية :

ان عاملا فلسطينيا ورث عن آباءه وأجداده حرفة تغليف حبات البرتقال وترتيبها داخل الصناديق ليتم تصديرها الى بلاد الغرب . ومع حلول نكبة 15 / أيار -1948 أمسى هذا الرجل يعمل بأجر في بيارة آبائه ، سعيا وراء رغيف الخبز ..!!
.. وحين حلت نكسة 6 / حزيران - 1967 ، أراد هذا الرجل أن يسمع العالم مأساته ؛ فماذا فعل ؟؟ إنتزع ورقة بيضاء من دفتر إبنه ، وكتب عليها هذه الكلمات

مع إنني لا أعرف جنسيتك وإسم بلدك ، إلا إني أقول لك أيها الاجنبي الذي وقعت بين يديك هذه البرتقالة ، إن هذه الحبة مسروقة من بيارة فلسطينية ، وأعتقد أنك تعرف كيف يكون حزن من يزرع شتلة البرتقال هذه ثم ينتظرها خمسة أعوام لتعطيه الثمر ، وفجأة يأتي من يسرق الشجرة برصاص البندقية ، أرجوك إن عجزت عن قراءة هذه الرسالة أن تعطيها لمن يترجمها لك ...

ثم قام هذا الرجل بدسّ هذه الرسالة داخل الورقة التي لفّ بها حبة البرتقال ووضعها الى جوار الحبات الاخرى داخل الصندوق المعد للتصدير..!!!
ترى أليست هذه الكلمات على بساطتها وسذاجتها الظاهرة أبلغ من كل الكلمات والخطابات والمقالات النارية التي نلوكها صباح مساء ، أليست هذه الكلمات النابعة من رحم المأساة أبلغ تأثيرا من كلام الشعراء والذي لا يفرز الا كلام موجها فيه الزعيق وفيه الانفعال ... بإختصار .. أنني أهمس في أذن شعرائنا وكتابنا ولا أستثني نفسي وأقول :
لقد آن الأوان لننضج ما نبدع على نار هادئة ...آن الأوان لندرك أننا بتنا ممن يقولون ما لا يفعلون .. ويكتبون بما لا يعتقدون ..وآسفة إذ قلت ....... أحيانا يحرفون بما لا يعرفون...!!!!