[بنت الاسلام]

الحلقة الثانية

يفتح الباب الرئيسي وتخطو اول خطوة في تلك المرحلة المجهولة ...يتم زجك في أحد الغرف ....وحجمها 2متر ونص*2متر ونص ...بداخلها بعض شباب من 5 الى 7 أشخاص ...يرحبوا بك بطريقتهم دون السؤال عنك او عن ما يتعلق بك ...وكل ما يملكون لك هو تقديم سيجارة ...تنزوي في ركن من أركان الغرفة وسرعان ما تغط في نوم عميق

...تمتد يدك تبحث عن جوالك او عن ممتلكاتك الشخصية وربما تكون يدك تبحث عن سلاحك ...تفتح عينيك لتصيبك الدهشة الاولى ..اين انا وما هذا المكان ..رويدا رويدا تتذكر الامر ...صباح الخير ينطق احدهم ..انه صباحك الاول في الاسر ..والاحرى ان لا تعد الصباحات ...ويضحك
انت : اين أنا
هو :في المعتقل ...(قدوميم,الجلمة,المسكوبية....)
يطبق عليك الصمت ..ويذهب عقلك الى البعيد ..هل هؤلاء ثوار ام عصافير ..هل هم شرفاء او خونة ..ونفس الامر يتشاركون معك به ..هل هذا شريف او جاسوس هل هو ....الخ
...تدب الحركة في المكان ..تسأل ماذا الآن يخبروك هو الافطار ...يتكون من علبة لبن ورغيف خبز اقسى من جدران الزنزانة على اساس انه خبز يشبه الفرنسي...يفطر الشباب..بعدها تجهز نفسك للفورة الاولى بحياتك ...يصطف الشباب في الغرفة طابور ..وايديكم معلقة على اكتاف الذين امامكم والاول يديه مشبوكتان خلف رأسه ..جندي امام الباب وآخر آخر الرواق يشهر سلاحه ..تمشي قليلاً لتبصر الشمس ..وتدخل قفص حديدي كالذي ترونه للاسد في حديقة الحيوان ..داخل القفص حمام ..شروط استعماله ...يمنع دخول شخصين في وقت واحد مع العلم يوجد ثلاث حمامات متلاصقة واربع مغاسل في مكان منفصل داخل القفص ..تدخلون شخصاً تلو الآخر ...تخرج الغرفة التالية ..وكم تكون سعيدا عندما ترى احد شباب مدينتك الذي تم اعتقاله قبلك ..تسلم عليه بحرارة ويقوم هو بضمك ..وكأنك ملكه وحده ...تجلس معه تحدثه ويحدثك ..يعرفك الى الشباب المتواجدين ..تنتهي الساعة وتعود الى الغرفة بنفس الطريقة التي خرجت بها
تحوي الغرفة ..6 فرشات ل 7 شباب و6 بطانيات وضوء كهربائي يلفه شبك حديدي وفي الزاوية

هذا ليس للقمامة بل هو الحمام للسبعة اشخاص ولا يسمح بتغيره الا وقت الفورة ..بالتناوب بين الشباب يتم تفريغ محتوياته كل يوم تناوباً ..شخصين شخصين ..وغسيله عليهم ايضاَ
لا تقلق صديقي فأنت في ال 3 أيام الأولى معفي من المهام ..ضيافة يعني

قد يضايقك الحديث في الأمر
فلك ان تتخيل الواقع؟؟!
كل ما تم الحديث عنه لغاية الساعة العاشرة صباحاً فقط

تعود للغرفة ...يجلس رفاقك ...أحدهم يقرأ القرآن ..الآخر يحاور نفسه وحيداً ..والبعض يتجاذبون أطراف الحديث
البعض يعود للنوم ...هذا كل ما تستطيع عمله هنا وليس أكثر من ذلك
الساعة 12 ظهراً يصل الغداء ..المكون من صحن معكرونة حلزونية بلا طعم ولا شيء ..او صحن رز يشبه كل شيء الا الرز الذي تعرفه ....بالطبع الملح والبصل ممنوع لأنه ينشط الذاكرة ...ويقوي الجسم ...بعد الغداء المذكور تعود لما كان بعد الفطور
بساعات العصر فورة المساء الاختيارية على هوى مزاج الجنود ..اما تحظى بها او يتم حرمانك منها ....
الصلاة جماعة بداخل الغرفة ..الاذان ممنوع منعاً باتاً ..قراءة القرآن جهراً ممنوعة ....

وجبة العشاء كوجبة الفطور لبن ..لانه يساعد على النوم ..وتشابه الوجبات لاضعاف الجسد واضعاف القدرة على الاحتمال

يأتي الليل ...تجلسون في الغرفة وتغنون بصوت هاديء ...تتسامرون وتضحكون تارة ..واخرى تبحر أعينكم في سقف الزنزانة الحقيرة ...تتعرف اكثر الى الشباب ومناطق سكناهم ....
في ساعات الليل يتم توزيع الحصة اليومية من الدخان وهي عبارة عن 5 سجائر لكل شخص مدخن
في أي لحظة يتم اخبارك التجهز للخروج ...انه التحقيق الأول في حياتك ...تقيد قدميك ويديك بقيد متصل بينهما ..واثنان من الجنود ..يقتادونك الى القسم في الجانب الآخر من المعتقل ..تدخل ممر طويل بعض الشيء ..نهايته يوجد غرفة موجود اعلى بابها صورة أسد ..يحرص الجندي ان ترى تلك الصورة حتى لو تطلب الامر للقوة
تدخل لتجد طاولة يجلس عليها المحقق ..ينظر اليك ويبتسم ابتسامة رقيقة بوجهك مرحباً مهلياً بك ..يجلسك على المقعد ويسألك ان كنت تحتاج لشيء..دخان او مشروب ساخن ..او اي شيء آخر
ترفض الحديث بوجود القيود مما يضطره أخيراً الى فك السلاسل التي تقيدك
هنا القول الفصل...اما يتملكك الضابط أو انت تتملكه وتأخذ زمام الأمور بالحديث والمراوغة ..أو تكون هدفاً سهلاً له ..يأخذ منك ما يريد وأين ما يريد ..وكيفما يريد
عند خروجك يرفع رأسك أعلى الباب لتجد صورة أرنب بري بلون أبيض ويقول لك الضابط ان كنت أعترفت
دخلت أسد وخرجت أرنب
او ..سيأتي يوم تخرج من هنا أرنب ككل من سبق

بعد مرور 6 ايام على الاعتقال ..اليوم السابع اول محكمة واول بوسطة

يتم تبليغك ليلاً انك في الغد ستذهب للمثول أمام المحكمة ...يتم تنبيهك في الصباح ومعك كل المعتقل بسبب الصوت الذي يحدثه الجندي بالطرق على باب الزنزانه حتى لو كنت مستيقظاً ....تمد يديك من خلال طاقة صغيرة في الباب ..ليلتف حولها اسوار القيد الذي سيلازمك اينما تنقلت وكيفما ذهبت ...تخرج وتوضع الخلاخل بقدميك ويتم وصلها بالاساور في يديك ...لتكتمل اللوحة ...جنديين يحرسانك من هنا وهنا ...على أعتاب السيارة المصفحة يقوم الجنود بعصب عينيك ..وتصعد الى الحافلة ..ويكون يوم حزنك ان كان مصطحبك من الدروز تحديداً ..فاعلم انك ستنال من الضرب الكثييييييير وفي اماكن تؤلم ولا يمكن كشفها ...تحاول استراق النظر من خلال العصبة لتجد اللطمة موجهه لوجهك الحزين ...تصل السيارة الى باحة المحكمة وتدخل الى الساحة الداخلية ..هنا تفك عصبة العين ..لتبصر نور المحكمة وسواد ظلمها ..وما يخفف عنك هناك الكم الذي ستراه من الاسرى القادمون الى المحكمة ...تدخل زنازين المحكمة بانتظار دورك ..ويكون يوم سعدك ان وجدت أحداً تعرفه من السجون الرسمية وليس من مراكز الاعتقال ....الشيء الذي سيفيدك انك ستوصل الرسائل لأهلك عن طريقه ...ولكن أياك والرسائل الامنية حتى لو كان أخوك ..انما أقتصر على ان يبلغهم سلامك ومعنوياتك العالية ..وانك بالف الف خير
انه دورك ..والمكان الوحيد الذي ستدخله بدون قيود ...لن ندخل في تفاصيل المحكمة لانها تختلف حسب افادتك امام المحقق ..ان كان اعتراف او انكار للتهم الموجهة اليك ...انت موجود في قفص حديدي على يسار المحكمة والقاضي يتوسط القاعة بالصدر على طاولته والذي يجب الوقوف له عند الدخول ولكن هيهات ان يجد ذلك من الاسير الفلسطيني الذي ما يصل القاضي الا ويقوم الاسير بمد قدميه والتجبد كأنه يجلس في حديقة بيته يشرب قهوته.....
يتم التداول بالقضية الموكلة ...ويقوم القاضي بالتأجيل لك على ذمة التحقيق
تعود بنفس الطريقة التي أتيت بها
كل خروج من المعتقل او السجن يستعمل به سيارة من قبل الصهاينة يُطلق عليه اسم بوسطة
...الاشياء التي تستفيد منها من خلال الذهاب للمحكمة ..
مقابلة اشخاص واسرى ...تبادل المعلومات حول المعتقل والاوضاع
نقل الرسائل السرية الخاصة بالسجون بالطرق المتبعة والاصول حسب ترتيبات السجناء
الحصول على كم بسيط من السجائر وهي الغنيمة الكبرى
الشعور بانك كسرت روتين المعتقل بتلك الرحلة البسيطة وتجدد النشاط لديك للاستمرار بالصمود
تعود للمعتقل ليلتقيك الأسرى بالأسئلة من قابلت ومع من تكلمت ...وماذا حدث هناك من أمور ..لكن يمنع منعاً باتاً الخوض بتفاصيل قضيتك او السؤال عنها
المؤلم في الأمر ...رؤية الاخوات من الاسرى يقتادهن الجنود او المجندات الى قاعات المحكمة ...وتلمح بعيون الاسيرات الاصرار والعفة والأنفة والتحدي لكل القيود..وكم هي جميلة تلك البسمة الأخوية التي تتبادلوها مع بعضكم ..فتزيد الطرفين اصراراً وتحدي
****************
المعتقل ...8 غرف متقابلة دون تقابل الابواب ....كل غرفة تحوي سبع اسرى ...الرطوبة تأكل جسد الاسير .لدرجة انك ان رفعت فرشتك تجد تحتها ماء من الرطوبة ...فتخيل ان كان الجو شهر 12 &1 او شهر 7 &8
يعاني المعتقل من امساك صعب جداً بسبب الأكل الناشف الذي يتناوله وقلة الحركة ...ولتفادي الامر يتناوب الاسرى داخل الغرفة فترات الرياضة وهي عبارة عن تحديد اشواط معينة من المشي يقوم بها الاسير داخل الغرفة ذهاباًواياباً والغرفة 2متر ونص ...تخيل الامر
انت ممنوع من التحدث مع الصهاينة ..انما كل غرفة لها شاويش ...والمعتقل باكمله يتبع لشاويش واحد ..من أراد شيء عليه ابلاغ شاويش غرفته الذي بدوره يبلغ شاويش المعتقل ..الذي يقوم بالتحدث الى الجندي الصهيوني
ممنوع انت من الخروج الى الطبيب وحدك دون مرافقة الشاويش...عند خروج الشاويش الى المحكمة يتم توكيل المهام الى نائب له
القرارات صارمة والاخطاء لا يغفرها حسن النوايا فانتبه لما انت فيه

من يخالف اي قانون من قوانين المعتقل المفروضة من الصهاينة يتم عزله بغرفة منفردة وممنوع من الدخان او الحديث مع الغرف المجاورة
من يخالف امر من امور الاسرى المتفق عليها والسارية المفعول يتم حسابه بكل قسوة من قبل الاسرى وبدون علم الادارة الصهيونية

هو عالم فيه من القوانين أكثر من العالم الخارجي

من المآسي عندما تملك الدخان ...ويمتنع الجندي عن احضار شعلة لتشعل تلك السيجارة ..حرمان بعينه
خلال ساعة الفورة ..قط معتقل واحد يحق له التواجد في غرف الحمامات ليستحم وينهي كل اوضاعه ..ولك ان تتخيل الامر في ظل الامساك الذي يعانونه كما ذكرنا سابقاً
تتراوح فترة مكوث المعتقل في اقسام التحقيق ..على حسب صلابته امام المحقق وعدم الاعتراف ..زمنهم من يغادرها خلال اسبوعين ومنهم شهر ومنهم يتجاوز الشهرين ...كوضعي انا جلست هناك ...67 يوم بالتمام والكمال ....عند تجاوز الحد المقرر تبدأ بالتلويح انك ستضرب عن الطعام والشراب ....وهو السلاح الوحيد الذي يجدي نفعاً ...على ان تصمد 3 ايام متتابعة والاصرار على المتابعة
زيارات الصليب الاحمر هي الوحيدة القادرة على منحك ملابس تغير بها ملابسك التي تم اعتقالك فيها ...وانت وحظك ...ربما تستمر شهراً بنفس الملابس دون غيار ..الا ان وجدت مع الاسرى شيئاً

البوسطة القادمة النقل من المعتقل
يتبع