عرض مشاركة واحدة
قديم 30-01-2010, 04:45 PM   #2
ندين
عيساوي VIP

الصورة الرمزية ندين
 
المعلومات الشخصية

التقييم
معدل تقييم المستوى: 26

ندين عضو سيصبح مشهورا عن قريب



مقدمه الكتاب ،،

محاولة تقديم أولى

الخروج من الخاص إلى العام

1-الخنساء لم تصب بالعمى لـ كثرة ما رثت أخوتها القتلى وبكتهم –كما هو شائع في كتب الأدب-ولكنها رثت قتلاها وبكتهم لأنها كانت (عمياء) منذ البداية! إنها لم تر في الموت غير الموت. إنها لـ خطيئة مميتة أن لا نرى في الموت غير الموت

2- كي أتجنب السقوط في فخ الرثاء الذي أكرهه، والرومانسيات التي لا تجدي ، لن أكتب عن غسان كنفاني ،وإنما سأتركه هو يحدثنا عن نفسه

3- يخيل إلي أحيانا أننا جميعا تحدثنا عنه بما يكفي ، وأن الناس في شوق إلى سماع صوته هو .وهذا ممكن بفضل عادة سيئة طالما تملكتني ، هي الحوار الأبجدي مع رفاقي ، زادت في تفاقمها عادة سيئة أخرى من عاداتي وهي كثرة الترحال، بحيث تصير الرسائل أحيانا وسيلة التخاطب الوحيدة الممكنة وعبرها نتابع حوارنا الأدبي والحياتي

4- أترك غسان كنفاني يتحدث إليكم عن نفسه وعن (الرجال الذين لا يمكن قتلهم)

5- حولوا الآن صفحة نفوسكم الهائجة الأمواج إلى صفحة بيضاء كالشاشة، وفوقها سترتسم كلماته كـ لسع النار والجليد معا تذكروا أنا لست هنا لأرثيه بل لأشهر صوته على الذاكرة كـ الخنجر وكل ما سأفعله هو (مونتاج ) صغير للذكريات وكل ما سأقوله لن يتجاوز ما يقوله معلق إذاعي يبذل جهدا غير بشري كي يكون محايدا وبشريا أمام شريط من أحداث له طعم المعجزة.
لماذا (المونتاج) ؟ لأن الذاكرة عين بـ ملايين الأجفان نسدلها كـ الستائر جفنا بعد الآخر على ما كان، وسـ أرفع اليوم جفنا واحدا لأن المجال لا يتسع لمزيد . ولأن الذاكرة حنجرة بملايين الأصوات اخترت لكم منها إيقاعا واحدا هو صوت المذيع المحايد فـ صوت غسان ليس بحاجة إلى كورس إغريقي من
الندابات .

6- قلت لكم صفحة بيضاء كالشاشة. حدقوا جيدا. الآن ترتسم فوق الشاشة صورة غسان وهو في العاشرة من عمره (طفلا شقيا مبللا بمطر يافا الغزير، بعد أن ركض طويلا تحت المزاريب)

7-هل ذكرت لكم أن كل ما هو ضمن قوسين وبالحرف الأسود منقول حرفيا من رسائله؟
لقد تعمد غسان بمطر يافا ، وحين غادرها كان مطرها قد اخترق جلده إلى الأبد وصار من بعض دورته الدموية...وكان النسيان مستحيلا.
وكان غسان منذ البداية يتقن استعمال قلمه وسكينه معا ، ويؤمن بهما معا . كان صغيرا يوم أدخلوا أخته فايزة – وكان يحبها كما يحب وطنه- إلى غرفة العمليات بسبب ولادة عسيرة ، فاقتحم غرفة العمليات:
(رفعت المشرط في وجه المسكين ولسون ، ذلك الاسكتلندي الطيب الذي كان يجد فيّ ما لم أجده أنا في نفسي . إنه يضحك بلا شك حين يذكر القصة. كنت أنا على حق رغم كل شيء ، وقلت له :ليمت الطفل ، ولكن إذا ماتت هي فستموت معها هنا . ورفضت أن أخرج وظللت مثل مجنون فار مثبتا ظهري إلى الزاوية وأنظر إليها مضرجة بالدم تحت أصابعه الباردة وحين تنفس الصعداء بعد قرن من الرعب أخذت أبكي، وسقط المشرط من يدي ...ولم أرها إلا بعد أن صار أسامة في الرابعة من عمره)

يتبــع ..
التوقيع:
ماذا بعد؟ صاحت فجأة جندية :
هو أنت ثانية ؟ألم أقتلك ؟
قلت : قتلتني ... و نسيت , مثلك , أن أموت
ندين غير متصل   رد مع اقتباس