|
|
#1 | |
|
عيساوي جدع
![]() ![]() |
التأسيس كفصيل يساري مستقل من فصائل حركة المقاومة الفلسطينية ، تأسست الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين في 22/2/1969 في سياق الانتكاسات الكبرى التي مني بها المشروع القومي العربي بعد حرب حزيران / يونيو 1967 وما كشفته عن مأزق برنامج وعن عمق أزمة الحركة القومية بمختلف تشكيلاتها بشكل عام وفي الساحة الأردنية - الفلسطينية بخاصة ، والمدى الذي بلغته هذه الأزمة باعتبارها أزمة برنامج وتكوين قيادي في آن ( طبقياً وفكرياً وسياسياً ) ، وشكل تلمس هذه الأزمة والمأزق الذي قادت إليه الأساس لتوجه قطاعات واسعة من المناضلين من مختلف الأحزاب القومية ومن البيئة السياسية القومية عموماً نحو اليسار ونحو تبني برنامج وطني بمضمون ديمقراطي ثوري وتحت راية طبقية وفكرية جديدة. هذه القطاعات لم يكن خيارها حركة فتح التي كانت من موقع الوطنية الفلسطينية ومبادرتها التاريخية لاطلاق الكفاح المسلح تمثل النهج العفوي لحركة المقاومة المحكوم بموقع البرجوازية الوطنية وبأفق أيديولوجيتها ، ولم يكن يجذبها اليسار الشيوعي الرسمي الذي عانى في مساره التاريخي من جملة مشاكل في استيعاب خصائص القضية الوطنية الفلسطينية ، وفقد زمام المبادرة السياسية وتخلف عن الإمساك بحلقة النضال المركزية في اللحظة التاريخية المحددة ، بما في ذلك عدم إدراكه لوظيفة الكفاح المسلح في انبعاث الهوية ، واستنهاض الحالة الوطنية الفلسطينية بعد حرب الـ 67 . بفعل هذه العوامل المتداخلة ، انتشر على نطاق واسع التطلع نحو ولادة حزب ثوري من طراز جديد ، فلسطيني الهوية والانتماء وعروبي الآفاق في آن ، ينخرط في حركة المقاومة المسلحة طارحاً حلاً ديمقراطياً جذرياً للمسألة الوطنية الفلسطينية ، حزب يتبنى فكر الطبقة العاملة مناضلاً من أجل تكريسها طليعة طبقية جديدة للثورة الوطنية ، ولحركة التحرر الوطني العربية. هذا الطموح كان هو الحافز لولادة الجبهة الديمقراطية ، وهي الولادة التي ارتبطت أيضاً بالتحولات التي شهدتها حركة القوميين العرب بمختلف فروعها منذ بداية الستينات والصراع الفكري والسياسي الذي احتدم بين مختلف أجنحتها ( وخاصة بعد حرب الـ 67 ) ، والذي انتهى بانخراط فروعها في تأسيس أطرها الحزبية المستقلة في أقطارها بما في ذلك الفرع الفلسطيني الذي كان يعمل منذ 11/12/1967 تحت اسم " الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ". قدمت الجبهة الديمقراطية نفسها عند التأسيس كجبهة يسارية متحدة ودعت في وقت مبكر لاقامة تحالف ديمقراطي ثوري. على هذا الأساس ، استقطبت سريعاً قطاعات يسارية وديمقراطية ذات اتجاهات مختلفة لا تنتسب إلى تنظيم بعينه ، كما جذبت فئات موزعة على صفوف الحركة الوطنية والديمقراطية وحركات الشباب بشكل عام ، وانضمت إليها على قاعدة هذه السياسة بعد شهور قليلة من التأسيس منظمتان يساريتان : " عصبة اليسار الثوري الفلسطيني " و " المنظمة الشعبية لتحرير فلسطين " ، ولاحقاً ( في العام 1972 ) أقسام من " الجبهة الشعبية الثورية ". منذ انطلاقة الجبهة الديمقراطية يضطلع نايف حواتمه بمسئولية الأمين العام ، أما القيادات التي لعبت دوراً في تأسيس الجبهة وفي توطيد أركانها في بداية انطلاقتها ، فقد وفدت من مواقع وتجارب نضالية وتنظيمية مختلفة. وقد استمرت الجبهة تعمل تحت اسم " الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين " ولاحقاً " الجبهة الديمقراطية الشعبية لتحرير فلسطين " ، إلى أن كان العام 1975 فحملت اسم " الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ". في وقت مبكر للغاية برزت على مستويي الفكر السياسي والممارسة النضالية للجبهة محاور محددة تعمقت مناحيها واغتنت مضامينها في مجرى العملية الوطنية ، وأهمها : المقاربة المرحلية للمسألة الوطنية الفلسطينية كحركة تحرر وطني شديدة الخصوصية والموقع المفصلي الذي تحتله في إطار هذه المقاربة مسألة الوحدة الوطنية ، والعلاقة الوثيقة بين الخط السياسي والحلول التنظيمية للتقدم نحو الأهداف السياسية المحددة على قاعدة تؤمن تعبئة القوى وتحشيدها وتمتين الوحدة الوطنية والائتلاف المنبثق عنها . البرنامج المرحلي الهزيمة التي تكبدتها المقاومة في أيلول / سبتمبر 1970 وما تلاها من معارك قادت إلى تصفية وجودها العلني في الأردن ، أطلقت في صفوف الجبهة مراجعة نقدية صريحة وشاملة لسياستها وسياسة المقاومة في الأردن ، غاصت في عمق الواقع المعقد للعلاقات الأردنية - الفلسطينية ، وبخاصة واقع الانقسام الإقليمي في المجتمع الأردني ، وجذوره الكامنة في الموقع الفريد الذي يحتله الأردن في خارطة المصالح الإمبريالية في المنطقة والوظيفة التي يؤديها في هذا السياق من خلال مصادرة حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وفي التعبير المستقل عن هويته الوطنية ( راجع وثيقة " حملة أيلول والمقاومة الفلسطينية " ، دار الطليعة - بيروت 1971 ) . هذه المراجعة النقدية كانت بداية الرحلة نحو صياغة برنامج " حق العودة وتقرير المصير واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 بما فيها القدس العاصمة " ، أي البرنامج المرحلي الذي كان في الواقع ، إعادة صياغة للفكر السياسي الفلسطيني المتمحور حتى ذلك الحين حول ثنائية التضاد بين " المقاومة " وبين " التسوية " ، بين " الكفاح المسلح " وبين " الحل السلمي ".. وان جاءت كإشارة عامة في هذا السياق دعوة الجبهة للمجلس الوطني الفلسطيني في دورته التاسعة ( تموز / يوليو 1971 ) إلى إقامة " قاعدة ارتكاز أمينة ومحررة " في الأراضي الفلسطينية المحتلة تكفل استمرارية الثورة الفلسطينية حتى تحقيق أهدافها ، فسرعان ما عمقت أعمال المؤتمر الوطني العام الأول للجبهة ( تشرين الثاني / نوفمبر 1971 ) النقاش حول هذا الموضوع ، وأتت الدورة الرابعة للجنة المركزية ( آب / أغسطس 1973 ) لتبلور عناصر البرنامج المرحلي ولتقره رسمياً من خلال وثيقة : " عشر موضوعات حول الخط العام للبرنامج المرحلي في المناطق المحتلة والأردن ". والجدير بالذكر أن هذا البرنامج طرح ، للمرة الأولى ، فكرة الانتفاضة الشعبية باعتبارها الشكل المميز من أشكال الحرب الشعبية الذي تسمح به شروط النضال الفلسطيني . ازدادت هذه الموضوعات راهنية وملموسية على يد البيان الصادر عن دورة اللجنة المركزية الموسعة ( تشرين الثاني / نوفمبر 1973 ) أي مباشرة بعد حرب تشرين / أكتوبر 73 ، التي أفضت إلى تحسين جزئي في صالح العرب لتوازن القوى مع إسرائيل ، وكذلك في النداء الصادر عن منظمة الجبهة في الأراضي المحتلة ( تشرين الثاني / نوفمبر 1973 ). وأتى المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الثانية عشرة ( حزيران / يونيو 1974 ) ليعتمد البرنامج المرحلي تحت عنوان : " برنامج النقاط العشر " ، الذي تحوّل بعد الدورة الرابعة عشرة ( كانون الثاني / يناير 1979 ) إلى برنامج للإجماع الوطني الفلسطيني على امتداد عقد ونصف من الزمن ، أي حتى التوقيع على اتفاق أوسلو ( 13/9/93 ) . الوحدة الوطنية حرصت الجبهة الديمقراطية مع انطلاقتها أن تكون من بين الركائز الرئيسية في أول ائتلاف وطني لتوحيد العمل الفدائي بقيادة " الكفاح المسلح " ، وفي عضوية المجلس الوطني واللجنة التنفيذية المنبثقة عنه ( الدورة السادسة في أيلول / سبتمبر 69 ) ، وتقدمت إلى هذه الدورة " بمشروع لتحقيق وحدة القوى والفئات الوطنية الفلسطينية في جبهة تحرير وطني موحدة ". وحفزت الظروف الصعبة التي نجمت عن أحداث أيلول 70 ، على إدراك ضرورة الارتقاء بصيغة الوحدة الوطنية وأبرزت أن " الجبهة المتحدة " المطلوبة هي في الواقع تلك التي تضم جميع مكونات الحركة الوطنية الفلسطينية والمطلوب بناؤها على أسس أكثر تنظيماً ومتانة وعلى قاعدة التمثيل النسبي. وتبلورت هذه الصيغة في المشروع الذي تقدمت به الجبهة إلى الدورة التاسعة للمجلس الوطني ( تموز / يوليو 1971 ) لبناء " جبهة تحرير وطنية فلسطينية متحدة " ، وفي المشروع السياسي والتنظيمي المتكامل لإنجاز الوحدة الوطنية في إطار جبهة متحدة على أسس ديمقراطية الذي تقدمت به لاحقاً إلى الدورة العاشرة للمجلس الوطني ( نيسان / أبريل 1972 ) . تجربة الجبهة الديمقراطية في استقلالها الفكري والسياسي والتنظيمي وفي حفاظها على الوحدة الوطنية بنفس الوقت ، تؤكد العلاقة الحية لليسار الفلسطيني في قلب الحركة الوطنية الفلسطينية ، فهذا اليسار لم يستقل لينعزل ، إنما ليندمج في الوحدة الوطنية اندماجاً ثورياً صحيحاً ، وليلعب دوره في إطار هذه الوحدة كطليعة مناضلة تملك الخط السياسي الصحيح الذي من خلاله تتحدد الشعارات الوطنية والمهام المرحلية التي تنسجم مع المصلحة الجماعية للشعب الفلسطيني بأسره . الموقع المركزي الذي احتلته مسألة الوحدة الوطنية في الفكر السياسي للجبهة الديمقراطية وممارستها لم تتبدَ فقط في السنوات الأولى أثناء فترة العمل العلني في الأردن ، وعلى امتداد تجربة الثورة في مخيمات الشتات في لبنان وسوريا حتى اجتياح العام 82 ، بل برزت بشكل واضح في زمن الانقسامات الحادة التي اجتاحت الساحة الفلسطينية بعد هذه الحرب ضمن تداعيات الغزو الإسرائيلي ، وصراع المحاور الإقليمية للتأثير بقرار منظمة التحرير الفلسطينية ، ومحاولات الجناح المتنفذ في قيادتها الرسمية البحث عن نقاط تلاقي في منتصف الطريق مع مشاريع التسوية التي طرحت في مطلع الثمانينات لا سيما مشروع ريغان ( 1/9/82 ) . الاختبار الأول : اتخذت الجبهة الديمقراطية موقفاً حاسماً ضد الانقسام الفلسطيني على امتداد السنوات83-87 ، ولعبت دوراً مبادراً في التحالف الديمقراطي الذي وقع مع قيادات اللجنة المركزية لحركة فتح على اتفاق اليمن ( عدن ) - الجزائر ( 28/6 و 9/7/84 ) ، هذا الاتفاق الذي وان لم ينجح في إعادة الوحدة ومنع انفراد الجناح الرسمي المتنفذ في م.ت.ف. بالدعوة للدورة السابعة عشرة للمجلس الوطني في عمان ( 17/11/84 ) ، إنما وضع أساساً لاستعادة الوحدة لاحقاً في إطار المجلس التوحيدي في الجزائر ( الدورة الـ 18 في نيسان / إبريل 87 ). لقد عارضت الجبهة نتائج مجلس عمان السياسية وما انبثق عنه من صيغ تنظيمية ، لكنها في الوقت نفسه تصدت بحزم لمحاولات الطعن بشرعيته خوفاً من ودرءاً لمخاطر انقسام لا رجعة عنها داخل م.ت.ف. تزجها على نحو غير مسبوق في حقل التجاذبات العربية وصراعات محاورها ، وتزيل بفعل ذلك العقبة الأهم أمام تقدم الحلول المنقوصة للحقوق الوطنية برعاية الولايات المتحدة. من هنا ، شكل المجلس التوحيدي محطة فائقة الأهمية وطنياً حققت انتصاراً للسياسة الوحدوية ، وتوفرت معها إحدى العوامل الرئيسية لانعقاد شروط انطلاقة الانتفاضة الشعبية الكبرى في نهاية العام 87 . الاختبار الثاني : الذي تعرضت له الوحدة الوطنية أتى على يد اتفاق أوسلو عندما أطاح بالإطار السياسي لائتلاف م.ت.ف. ( منظمة التحرير الفلسطينية ) ، فواصلت الجبهة سياستها التوحيدية بثبات أطلقت عدداً من المبادرات في سياقها السياسي الملموس دارت بمجملها حول الحوار الوطني الشامل من اجل استعادة الإجماع الوطني حول القضايا الراهنة ومفاوضات الوضع الدائم( 2/97، 5/97، 5/98، 4/99، 2/2000 ). هذه المبادرات انطلقت من حقيقة أن السمة الأساس للحركة الفلسطينية باعتبارها مازالت تقف أمام مهام التحرر الوطني ، رغم تداخلها بعد تطبيقات اتفاق أوسلو مع مهام النضال الديمقراطي السياسي والاجتماعي ، تملي - موضوعياً - صون الائتلاف الوطني والنضال من اجل استعادة الوحدة الوطنية في إطار م.ت.ف. ، والانقسام القائم بين " السلطة الفلسطينية " والمعارضة لا يلغي من حيث الجوهر هذه الحقيقة وان طبعها بخصائص معينة . الترابط بين الخط السياسي والخط التنظيمي بلورت الجبهة الديمقراطية استراتيجية عمل تنظيمي بالتلازم مع الاستراتيجية السياسية وعمادها البرنامج المرحلي الذي يوفر الأساس لتعبئة وحشد طاقات الشعب الفلسطيني. وفي هذا السياق كان للجبهة إلى جانب مبادراتها السياسية بما تركته من تأثير واضح على الحركة الوطنية ، العديد من المساهمات النضالية المتميزة ، فالتزاوج بين الخط السياسي في كل محطة وطنية والحلول التنظيمية لتأمين أرقى درجات الائتلاف الوطني بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية للاضطلاع بكفاءة بالمهام النضالية المطروحة ، سمه ثابتة في السياسة الإجمالية للجبهة ، ما يؤشر إلى عمق الصلة بالواقع وبنبض الشارع والحركة الجماهيرية. إن العمليات العسكرية النوعية التي خاضتها الجبهة ( 74 - 79 ) تحت راية البرنامج المرحلي تقدم نموذجاً واضحاً عن العلاقة الصحيحة التي استطاعت أن تنشئها بين الممارسة النضالية والهدف السياسي ، في ظرف كان تقتضي توحيد الشعب وقواه السياسية وراء هذا البرنامج لجبه الحملات الظالمة التي كان يتعرض لها رواده والمناضلين في سبيله ، وفي الوقت نفسه تقديم الدليل بالممارسة العملية على عدم فقدان البوصلة والاتجاه الرئيسي للكفاح والاشتباك العسكري المباشر مع إسرائيل في ظل الحرب الأهلية التي استعرت في حينها في لبنان والقتال على مختلف محاور مشاريع التسوية الأمريكية والصراعات بين المحاور الإقليمية. كما أن تقدم الجبهة للدعوة إلى تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة الشعبية في الأسبوع الأول من اندلاعها ( 9/12/87 ) ، ومبادرتها إلى صياغة أهداف ومهمات الانتفاضة في النداء رقم 2 ( 10/1/88 ) هو دليل على الحساسية في التقاط الحالة الجماهيرية والتأثير بها تطويراً من خلال طرح أطر القيادة والمهام المباشرة التي تستجيب لهذه الحالة الجماهيرية وتسمح باستثمار طاقاتها وإمكانياتها من اجل تقدم النضال الوطني . تجاوز مأزق اتفاقات أوسلو أدت اتفاقات أوسلو التي اعتبرت الأراضي الفلسطينية المحتلة أراضٍ متنازع عليها ، إلى إعادة انتشار جزئية للجيش الإسرائيلي في هذه الأراضي والى تشكيل سلطة فلسطينية ذاتية الحكم تستند إلى مؤسسة تشريعية محدودة الصلاحيات ( المجلس الفلسطيني ) والى مؤسسة تنفيذية ( وزارات ومؤسسات أخرى ) ذات صلاحيات أمنية داخلية ومدنية على جزء من الأراضي الفلسطينية مع استمرار الاستيطان وتوسيعه وبقاء الاحتلال أدارته المدنية بمرجعية الحكم العسكري الإسرائيلي والسيطرة الإسرائيلية الكاملة على معظم الأراضي وعلى الحدود والمياه والأجواء الإقليمية وهيمنة محكمة على الاقتصاد الفلسطيني. لقد أثبتت الوقائع أن اتفاقات أوسلو القائمة على مرحلتين للمفاوضات والحل : انتقالية ودائمة ، مع افتقاد الأولى إلى مرجعية قرارات الشرعية الدولية ، قد زجت الوضع الفلسطيني في حالة تفاوضية مديدة وسلسلة من الاتفاقيات الجزئية لم تتقيد إسرائيل باستحقاقاتها زمنياً ولم تفِ بكامل التزاماتها تجاه الجانب الفلسطيني. إن تطبيقات اتفاقيات أوسلو تؤدي إلى إدامة حالة الاحتلال والاستيطان والقهر والمصادرة للحقوق الوطنية ، وهي لا تقدم حلاً للتناقض الموضوعي في المصالح بين الشعب والاحتلال لا بل تزيده احتداماً ، هذا التناقض الذي شكل احتدامه العامل الرئيسي المحفز لاندلاع الانتفاضة الكبرى ( 87 - 93 ) والذي مازال ينطوي على احتمالات تجددها . إن بلورة الخيار الوطني الفلسطيني لمواجهة مخاطر هذا الوضع على واقع ومستقبل القضية والحقوق الوطنية لا بد أن يستند إلى إعادة بناء الإجماع الوطني وتفعيل الحركة الجماهيرية لمواجهة سياسة إسرائيل في فرض الأمر الواقع بالقوة وبسطوة الاحتلال بأمر واقع فلسطيني يستند إلى الحق المدعم بالشرعية الدولية وبقوة النضال الجماهيري ، وذلك من خلال تجسيد إعلان الاستقلال وبسط السيادة الفلسطينية على الأرض المعترف بها دولياً بهويتها الفلسطينية ( الضفة الغربية بما فيها القدس وقطاع غزة ) حتى حدود 4/6/67 ، ودعوة حكومة إسرائيل إلى إجراء مفاوضات لإقرار سلام دائم ومتوازن على أساس تطبيق قراري مجلس الأمن 242 و 338 اللذين يقران مبادلة الأرض بالسلام والحل العادل لقضية اللاجئين والنازحين الذي يتطلب تنفيذ القرارين 194 و 237 ، على أن تجري هذه المفاوضات وفقاً لمنطوق القرار 338 في إطار صيغة دولية مناسبة تسمح من جهة باستعادة الترابط والتنسيق بين المسار الفلسطيني وسائر المسارات العربية المعنية بالحل ، وتكفل من جهة أخرى إشرافاً دولياً جماعياً على عملية السلام يستبدل التفرد الأميركي بالمشاركة الحيوية للأمم المتحدة وسائر القوى الفاعلة ، وبخاصة الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين إلى جانب الولايات المتحدة. إن توفير مقومات النجاح لما ذكر يتطلب إعادة ترتيب البيت الفلسطيني لتأمين مستلزمات الصمود في مواجهة الإجراءات العدوانية المتوقعة من جانب إسرائيل ، والتحرك لضمان الدعم العربي والدولي اللازم ، وبشكل خاص الاستناد إلى استراتيجية نضالية موحدة تعتمد التعبئة الشعبية العامة لمواجهة العنف الإسرائيلي بتجديد الانتفاضة الشعبية الشاملة بأشكالها الجديدة . التنظيم ومحطاته المؤتمرية البناء التنظيمي للجبهة أفقي دائري بالأساس ، قوامه وحدات قاعدية ضمن منظمات محلية ( على أساس جغرافي ، قطاعي.. ) وارتفاعه الهرمي التراتبي يقتصر على العدد اللازم من محطات الوصل من جهة وضرورة توحيد التوجيه لضمان وحدة العمل من جهة أخرى. أما المبدأ التنظيمي الأساس فهو المركزية الديمقراطية التي توجه علاقة منظمات الجبهة مع مختلف تجمعات الشعب الفلسطيني وفئاته الاجتماعية والحركة الجماهيرية عموماً. إن الآليات التطبيقية المختبرة لهذا المبدأ التنظيمي ، تضمن بواسطة المؤتمرات الدورية وعلاقات العمل اليومية مشاركة أعضاء ومنظمات الجبهة في رسم سياستها وانتخاب الهيئات القيادية والمحاسبة والرقابة المتبادلة . تلتقي المنظمات المحلية في منظمات الفروع ، والأخيرة في منظمات الأقاليم. جميع هذه المكونات يوجه عملها خط سياسي عام يقره المركز القيادي الواحد للجبهة ، خط يُشتق منه تكتيك سياسي موحد. وفي هذا الإطار تتمتع منظمات الأقاليم باستقلالية واسعة في خطط عملها تنطلق من خصوصية واقع واحتياجات كل تجمع فلسطيني على حدة . يتشكل المركز القيادي الواحد من : المؤتمر الوطني العام ( أعلى سلطة سياسية وتشريعية منتخبة من المنظمات المحلية صعوداً وينعقد مرة كل 4 - 5 سنوات ) ، المؤتمر الوطني العام ( أيضاً منتخب ويدعي عند الحاجة ويتمتع بصلاحيات المؤتمر العام بحدود جدول أعماله المختزل ) ، اللجنة المركزية ( القيادة السياسية والتنظيمية الأولى المنتخبة من المؤتمر العام في الفترة ما بين مؤتمرين. تنعقد 4 مرات سنوياً ) ، والمكتب السياسي ( الهيئة التنفيذية العليا للجنة المركزية المنتخب منها ). إلى هذا تتولى لجان الرقابة الحزبية وعلى رأسها لجنة الرقابة الحزبية المركزية الإشراف على التطبيق السليم للنظام الداخلي وضمان حقوق الأعضاء والهيئات على جميع المستويات بما فيها المركز القيادي الواحد . المنظمات الديمقراطية الجماهيرية والمهنية أطر مستقلة ذات برامج ولوائح داخلية مقرة وهيئات منتخبة من مؤتمراتها الدورية. من هذا المنظور تعتبر الجبهة هذه المنظمات ليس فقط إطاراً ينظم فيه جمهورها الصديق ، بل أيضا إحدى الصيغ التنظيمية الرئيسية للائتلاف الديمقراطي الثوري الذي يضم شرائح من قوى اجتماعية مختلفة لتعبئة طاقاتها في مجرى النضال الوطني والاجتماعي . عقدت الجبهة الديمقراطية سبعة مؤتمرات وكونفرنسات وطنية عامة : 1 - المؤتمر التأسيسي ( المؤتمر الوطني العام الأول ) في آب ( أغسطس ) 1970 ، أنتخب اللجنة المركزية الأولى وصدر عنه : التقرير السياسي والبرنامج العام واللائحة الداخلية المؤقتة . 2 - الكونفرنس الوطني العام الأول في تشرين الثاني / نوفمبر 1971 ، صدر عنه النظام الداخلي ( 1972 ) وانتخب اللجنة المركزية الثانية التي أنجزت البرنامج المرحلي ( الدورة الرابعة في آب / أغسطس 1973 ) والبرنامج السياسي والنظام الداخلي ( 1975 ) الذي كرّس استقلالية منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن ( مجد ) وشخصيتها المتميزة وأجاز لها وضع برنامجها السياسي ونظامها الداخلي الخاص وفقاً لمتطلبات النضال الوطني الديمقراطي في الأردن ( صدرا عام 1978 ) . 3 - المؤتمر الوطني العام الثاني في آبار ( مايو ) 1981 ، صدر عنه التقرير النظري والسياسي والتنظيمي ، ودقق بوثيقتي البرنامج السياسي والنظام الداخلي وانتخب اللجنة المركزية الثالثة . 4 - الكونفرنس الوطني العام الثاني في تموز / يوليو 1991 انتخب اللجنة المركزية الرابعة أجرى تعديلاً رئيسياً على النظام الداخلي في ضوء انتهاء العمل بصيغة منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن ( مجد ) وتأسيس حزب الشعب الديمقراطي الأردني ( حشد ) حزباً أردنيا مستقلاً يَنْظمُ " إطار العمل المشترك " علاقته مع الجبهة الديمقراطية. واخيراً ، عالج الكونفرنس على يد تقرير اعد لهذا الغرض ، جذور واسباب الأزمة الداخلية في الجبهة وابرز الدروس المستخلصة منها واتجاهات التجديد الديمقراطي . 5 - المؤتمر الوطني العام الثالث في أيلول ( سبتمبر ) / تشرين الأول ( أكتوبر ) 1994 ، انتخب اللجنة المركزي الخامسة وأقر الصيغة الجديدة لكل من البرنامج السياسي والنظام الداخلي والتقرير السياسي حول " اتجاهات العمل بعد اتفاق أوسلو " والموضوعات النظرية حول " أزمة اليسار ومتغيرات العصر " . 6 - الكونفرنس الوطني العام الثالث في كانون الثاني / يناير 1998 انتخب اللجنة المركزية السادسة وصادق على المراجعة السياسية الإجمالية لمسار اتفاقيات أوسلو وعناصر البرنامج الوطني البديل. 7- المؤتمر الوطني العام الرابع في نيسان ( أبريل ) / أيار ( مايو ) 1998 صادق على التقرير السياسي واطلق " المبادرة الوطنية الشاملة حول بسط سيادة دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية المحتلة بعدوان 1967 " . .................................................. ................................. 2-حركة فتح التأسيس تأسست حركة فتح -وهي رمز لحركة التحرير الفلسطينية "حتف"، وإذا ما قلبت كانت "فتح"- في نهاية الخمسينيات ، وبداية الستينيات إثر العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 واحتلال إسرائيل قطاع غزة ، إذ أيقن الفلسطينيون أهمية الاعتماد على أنفسهم في مقاومة إسرائيل. فتأسست خلايا هذا التيار سرا في نهاية الخمسينيات ، وبداية الستينيات في سوريا ولبنان والأردن ودول الخليج العربي حيث يعمل الفلسطينيون . وما لبثت هذه الحركة أن أصدرت عام 1959 حتى نوفمبر/تشرين الثاني مجلة شهرية باسم "فلسطيننا" دعت إلى كيان فلسطيني مستقل عن الأنظمة العربية ورفض الوصاية العربية على الشعب الفلسطيني ، نافية أن يكون الكيان الخاص شرذمة للعمل العربي ومؤكدة أنه تعبئة لشعب فلسطين المشتت . ويرجع أساس فكرة إنشاء الحركة ، كما يقول أحد قادتها، إلى تجربة "جبهة المقاومة الشعبية"، ذلك التحالف القصير الأجل بين الإخوان المسلمين والبعثيين أثناء الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة عام 1965. ويشير سليم الزعنون العضو المؤسس في الحركة إلى أن تلك التجربة القصيرة كانت مسؤولة عن وضع جنين الحركة حيث اجتمع نحو 12 شخصا من أعضاء جبهة المقاومة الشعبية في غزة ووضعوا خطة لتنظيم جبهة في فلسطين كانت فتح هي صورته النهائية عام 1961 نتيجة -كما يقول صلاح خلف- لتوحيد معظم المنظمات الفلسطينية الخمس والثلاثين أو الأربعين التي كانت قد نشأت في الكويت نشوءا عفويا واندماجها في منظمة كانت قائمة في كل من قطر والسعودية ويقودها محمود عباس (أبو مازن) ومحمد يوسف النجار وكمال عدوان الذين أصبحوا أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح ، وقد قتل الأخيران على يد قوة إسرائيلية في بيروت عام 1973. النشأة شرعت فتح تنشئ قواعدها في الجزائر عام 1962، وفي سوريا عام 1964، حتى استكملت جناحها العسكري "العاصفة" وتوسعت إلى مئات الخلايا على أطراف دولة إسرائيل في الضفة الغربية وغزة وفي مخيمات اللاجئين في سوريا ولبنان ، بل في الأميركيتين . بدأت الحركة كفاحها المسلح عام 1965 واستمرت في نشاطها العسكري على الرغم من الطوق الذي كانت تفرضه عليها الدول المجاورة لإسرائيل . وفي نهاية عام 1966 ومطلع عام 1967 ازدادت العمليات العسكرية التي كانت تنفذها العاصفة الجناح العسكري للحركة ، الأمر الذي دفع وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك إلى الاعتراف بشدة عمليات حركة فتح العسكرية . واضطلع ياسر عرفات بتدعيم جهاز فتح السري وتوسيعه وبناء الخلايا العسكرية الجديدة في الضفة الغربية في 30 يونيو/حزيران 1967. وانهالت على الحركة المساعدات العسكرية والمادية بعد حرب الكرامة من الدول العربية والأجنبية ولقيت التأييد في مؤتمر القمة العربي الخامس المنعقد في الرباط عام 1969. نتيجة لظهور حركة فتح وتوسعها اندمج فيها العديد من التنظيمات الفلسطينية الصغيرة مثل: منظمة طلائع الفداء لتحرير فلسطين (فرقة خالد بن الوليد) في 7 سبتمبر/أيلول 1968، وجبهة التحرير الوطني الفلسطيني في 13 سبتمبر/ أيلول 1968، وجبهة ثوار فلسطين في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 1968، وقوات الجهاد المقدس في 12 يونيو/ حزيران 1969. وأصبحت جميع هذه المنظمات تمثلها قوات "العاصفة" . مبادئ الحركة 1- فلسطين جزء من الوطن العربي، والشعب الفلسطيني جزء من الأمة العربية، وكفاحه جزء من كفاحها . 2- الشعب الفلسطيني ذو شخصية مستقلة، وصاحب الحق في تقرير مصيره، وله السيادة المطلقة على جميع أراضيه . 3- الثورة الفلسطينية طليعة الأمة العربية في معركة تحرير فلسطين . 4- نضال الشعب الفلسطيني جزء من النضال المشترك لشعوب العالم في مواجهة الصهيونية والاستعمار والإمبريالية العالمية . 5- معركة تحرير فلسطين واجب قومي تسهم فيه الأمة العربية بكافة إمكاناتها وطاقاتها المادية والمعنوية . 6- المشاريع والاتفاقات والقرارات التي صدرت أو تصدر عن هيئة الأمم المتحدة أو مجموعة من الدول أو أي دولة منفردة في شأن قضية فلسطين والتي تهدر حق الشعب الفلسطيني في وطنه باطلة ومرفوضة . 7- الصهيونية حركة عنصرية استعمارية عدوانية في الفكر والأهداف والتنظيم والأسلوب. 8- الوجود الإسرائيلي في فلسطين غزو صهيوني عدواني قاعدته استعمارية توسعية، وهو حليف طبيعي للاستعمار والإمبريالية العالمية . 9- تحرير فلسطين والدفاع عن مقدساتها واجب عربي وديني وإنساني . 10- حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) حركة وطنية ثورية مستقلة ، وهي تمثل الطليعة الثورية للشعب الفلسطيني . 11- الجماهير الثائرة التي تضطلع بالتحرير هي صاحبة الأرض ومالكة فلسطين . بعد أوسلو بعد أن حزمت حركة فتح أمرها وقررت السير في خط المفاوضات ، أدخلت تعديلات على ميثاقها الوطني فحذفت البنود المتعلقة بإزالة إسرائيل من الوجود وما يتعارض مع اتفاق أوسلو وجاء هذا التوجه واضحا في الخطاب الذي أرسله ياسر عرفات رئيس منظمة التحرير الفلسطينية إلى اسحق رابين قبل توقيع اتفاق أوسلو تعترف فيه المنظمة بإسرائيل وحقها في العيش في أمن وسلام، ويؤكد فيه التزام المنظمة بالعمل السلمي لحل الصراع بين الجانبين ونبذ الإرهاب ، وإلزام جميع عناصر المنظمة بذلك حيث قال في خطابه: "وفي ضوء إيذان عصر جديد والتوقيع على إعلان المبادئ وتأسيسا على القبول الفلسطيني بقراري مجلس الأمن 242 و338 ، فإن منظمة التحرير تؤكد أن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنكر حق إسرائيل في الوجود وبنود الميثاق التي تتناقض مع الالتزامات الواردة في هذا الخطاب ، أصبحت الآن غير ذات موضوع ولم تعد سارية المفعول ، وبالتالي فإن منظمة التحرير تتعهد بأن تقدم إلى المجلس الوطني الفلسطيني موافقة رسمية بالتغييرات الضرورية فيما يتعلق بالميثاق الفلسطيني" . .................................................. ................. 3-الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التأسيس يرتبط تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ارتباطا وثيقاً بهزيمة حزيران والدروس النظرية والسياسية والتنظيمية التي أفرزتها وبلورتها تلك الهزيمة. كما يرتبط تأسيس الجبهة بحركة القوميين العرب وتنظيمها الفلسطيني وتجربته النضالية منذ نكبة عام 1948 ، وبالدروس التي اكتسبها من تلك التجربة التي قادته منذ بداية الستينات إلى الإعداد للبدء بالكفاح المسلح. فبعد حرب حزيران 1967 سعي الفرع الفلسطيني لحركة القوميين العرب لإيجاد إطار جبهة تضم مختلف الفصائل الوطنية الفلسطينية لأن وجودها عامل أساسي من عوامل الانتصار ، ولان منظمة التحرير الفلسطينية بطابعها الرسمي آنذاك لم تكن تصلح لتشكيل هذا الإطار. وقد نتج عن ذلك إقامة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي ضمت إلى جانب هذا الفرع ، جبهة التحرير الفلسطينية ، وتنظيم أبطال العودة ، وعناصر مستقلة ، ومجموعة من الضباط الوحدويين الناصريين. وصدر البيان السياسي الأول للجبهة في 11/12/1967. لكن مسيرة هذا التشكيل تعثرت نتيجة خلافات سياسية في وجهات النظر ، فانسحبت جبهة التحرير الفلسطينية في تشرين الأول عام 1968 وشكلت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة. وعلي ضوء التطورات التي شهدتها منظمة التحرير الفلسطينية تخلت الجبهة الشعبية عن سعيها لإيجاد جبهة وطنية لان منظمة التحرير الفلسطينية جسدت في نظرها إطار هذه الجبهة بخطوطها العريضة. إن هذا التطور جعل الجبهة الشعبية ، موضوعيا ، تنظيماً سياسياً محدداً ، خصوصاً بعد انصهار تنظيم أبطال العودة انصهاراً كاملاً في صفوف الفرع الفلسطيني لحركة القوميين العرب. ومنذ ذلك بدأ العمل لتحويل الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلي حزب ماركسي – لينينى ، ولكن عملية التحول واجهت مشكلات وخلافات داخلية ، حيث رأي عدد من أعضاء الجبهة استحالة تحويل تنظيم برجوازي صغير إلي حزب ماركسي - لينيني ، وقد أدت تلك الخلافات إلي انشقاق "الجبهة الديمقراطية" عن الجبهة الشعبية. عقدت الجبهة الشعبية مؤتمرها الثاني في شباط 1969 ، وصدر عنه وثيقة " الاستراتيجية السياسية والتنظيمية" التي شكلت محطة هامة في مسيرة الجبهة وتطلعها نحو التحول إلى حزب ماركسي - لينيني مقاتل. واقامت الجبهة الشعبية مدرسة لبناء الكادر الحزبي ، واصدرت مجلة الهدف التي ترأس تحريرها الشهيد غسان كنفاني عضو المكتب السياسي للجبهة . وانعقد المؤتمر الوطني الثالث للجبهة في آذار 1972 ، وقد أقر وثيقة "مهمات المرحلة" و "النظام الداخلي الجديد" واعطي عملية التحول وبناء الحزب الثورى ، أيديولوجيا وتنظيما سياسيا ، الصدارة ، إيمانا منه بأن قدرة الثورة علي الصمود والاستمرار تتوقف على صلابة التنظيم . وقد نص النظام الداخلي الجديد على أن المبادئ الأساسية للجبهة هي : المركزية الديمقراطية ، والقيادة الجماعية ، ووحدة الحزب ، والنقد والنقد الذاتي ، وجماهيرية الحزب ، وعلي أن كل عضو سياسي في الجبهة مقاتل , وكل سياسي مقاتل. كما حدد شروط العضوية وواجباتها وحقوقها ، ورسم الهيكل التنظيمي للحزب. وفي نيسان 1981 عقدت الجبهة مؤتمرها الوطني الرابع تحت شعار : "المؤتمر الرابع خطوة هامة على طريق استكمال عملية التحول لبناء الحزب الماركسي - اللينيني ، والجبهة الوطنية المتحدة ، وتصعيد الكفاح المسلح ، وحماية وجود الثورة وتعزيز مواقعها النضالية ، ودحر نهج التسوية والاستسلام ، وتعميق الروابط الكفاحية العربية والأممية" وقد ناقش المؤتمر التقارير المقدمة إليه ، وأدخل التعديلات الضرورية علي النظام الداخلي ، وانتخب لجنة مركزية جديدة انتخبت بدورها مكتبا سياسيا جديدا. وجددت انتخاب الدكتور جورج حبش أمينا عاماً للجبهة . وأصدر المؤتمر بيانا سياسيا حدد فيه الوضع الفلسطيني والعربي والدولي ومهمات الجبهة في المرحلة القادمة ومهماتها الإستراتيجية ، والدروس المستخلصة من تجربة الثورة الفلسطينية ، وأهمها ضرورة توفر قواعد ارتكاز للثورة الفلسطينية والمرحلية في النضال الفلسطيني وضرورة النضال ضد نهج التسوية ومختلف التأثيرات التي يتركها في صفوف الجماهير. وفي ضوء المتغيرات العديدة والكبيرة التي طرأت علي الوضع الفلسطيني والعربي والدولي منذ انعقاد المؤتمر الرابع وحتى الآن وفي ضوء الشوط الكبير الذي قطعته على طريق تحولها إلى حزب ماركسي - لينيني ، فإن الجبهة تستعد لعقد مؤتمرها الخامس "1990-1991" . أهم المرتكزات السياسية: (1) أهمية الفكر السياسي: تبرز الجبهة أهمية الفكر السياسي ، وأهمية سلامة الخط السياسي ، ودوره في انتصار الثورة. "إن شرطاً أساسياً من شروط النجاح هو الرؤية الواضحة للأمور ، والرؤية الواضحة للعدو ، والرؤية الواضحة لقوى الثورة ، وعلي ضوء هذه الرؤية تتحدد استراتيجية المعركة ، وبدونها يكون العمل الوطني مرتجلا". (2) الوظيفة الإمبريالية للكيان الصهيوني : إن الهدف الرئيسي للغزوة الصهيونية كان - ولا يزال- زرع قاعدة بشرية مسلحة تستند إليها الإمبريالية للوقوف في وجه حركة التحرر العربي التي يشكل انتصارها تهديداً للمصالح الإمبريالية في هذه المنطقة الحيوية من العالم. وليس صحيحاً أن الغزوة الصهيونية نتيجة اضطهاد اليهود في أوروبا ، كذلك ليس صحيحاً الفصل بينها وبين المخططات الإمبريالية للمنطقة ، وفصل المعركة مع الكيان الصهيوني عن مجمل حركة الصراع الدائرة في المنطقة بين الجماهير من ناحية والإمبريالية من ناحية أخرى. فهناك تلاحم استراتيجي بين "إسرائيل" والحركة الصهيونية من جهة والإمبريالية العالمية من جهة أخرى. وترفع الجبهة شعار : "لا تعايش مع الصهيونية" وتشترط زوال الكيان الصهيوني لاشادة السلام العادل والدائم في المنطقة. وتري أن جدية التصدي للإمبريالية مقياس لجدية التصدى للكيان الصهيوني . (3) موقع "الرجعية العربية" في دائرة الصراع : تعتبر الجبهة الشعبية التناقض مع الرجعية العربية تناقضا رئيسيا لا ثانويا ، وترى أن التحديد العلمي لموقع "الرجعية العربية" كقوة من قوى الخصم في المعركة المحتدمة بين الجماهير العربية وقواها الوطنية والتقدمية من جهة وبين الإمبريالية والصهيونية من جهة ثانية يتيح للثورة الفلسطينية ولفصائل حركة التحرر الوطني العربية ، فضح وتعرية مناورات ومخططات القوى الرجعية والتصدى الفاعل لها . (4) "البرجوازية العربية" عاجزة عن إنجاز مهمة تحرير فلسطين : أثبتت التطورات التي تتابعت في مصر بعد وفاة جمال عبد الناصر ، أن البرجوازية الوطنية الصغيرة التي تبدأ لدى تسلمها السلطة بمناهضة الإمبريالية تنتقل تدريجيا ، من خلال نمو مصالحها وهى في سدة الحكم ، إلى موقع التلاقي المتدرج مع الإمبريالية . لذا يجب أن تكون علاقة الثورة بالبرجوازية الوطنية والأنظمة التي تمثلها علاقة تحالف وصراع ، تحالف معها لأنها معادية للإمبريالية وإسرائيل ، وتناقض معها حول استراتيجيتها في مواجهة المعركة. فهناك في الجبهة الشعبية استراتيجيتان : استراتيجية البرجوازية الصغيرة التي تطرح نظريا وتتجه عملياً نحو استراتيجية الحرب التقليدية من خلال إعادة بناء المؤسسة العسكرية إذا ما تعذر الوصول لحل سلمى . مقابل استراتيجية الطبقة العاملة التي تطرح نظريا وتتجه عمليا نحو حرب العصابات وحرب التحرير الشعبية التي تخوضها الجماهير بقيادة الطبقة العاملة . وستتعايش هاتان الاستراتيجيتان زمنا إلى أن تتغلب في نهاية الأمر استراتيجية الطبقة العاملة. وهذه النظرة إلي البرجوازية تتبناها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين لتحمى الثورة والجماهير من تضخيم دور البرجوازية الوطني ، ولتنبه إلى الأخطاء الكبيرة إذا كانت البرجوازية علي رأس هرم التحالف الطبقي المعادي للإمبريالية ، ولتؤكد في الوقت نفسه إمكان بقاء البرجوازية في الموقع الوطني عندما تكون الطبقة العاملة وبرامجها هي التي تقود معركة التحرير . (5) العمال والفلاحون عماد الثورة ومادتها الطبقية الأساسية : إن حجم البطولات والتضحيات التي قدمتها الجماهير الفلسطينية والعربية في صراعها مع العدو الصهيوني يسقط الزعم الذي يلقي أي قسط من المسئولية على الجماهير. وتربط الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذه الاخفاقات بالبنية الطبقية للقيادات التي كانت على رأس حركة الجماهير ، وتري أن الطبقة العاملة وحدها هي القادرة على قيادة نضال الجماهير نحو الانتصار النهائي . وتشكل موضوعة قيادة الطبقة العاملة الفلسطينية والعربية لمعركة التحرير أهم مرتكزات الجبهة الشعبية. لكن ذلك لا يعنى في نظرها الخلط بين مرحلة التحرر الوطني ومرحلة التحرر الاجتماعي ، ولا يعنى إهمال التحالف الطبقي العريض الذي يضم كل طبقات وفئات الثورة . (6) ضرورة الربط الجدلي بين الوطني والقومي : ترى الجبهة خطأ تذويب النضال الوطني الفلسطيني في إطار النضال القومي العربي ، وفي المقابل خطأ عدم ربطه بالنضال القومي. فشعار استقلالية العمل والقرار الفلسطينيين شعار سليم عندما تتجه ترجمته علي قاعدة حماية الثورة الفلسطينية من الأنظمة العربية الرجعية والبرجوازية التي تحاول احتوائها ، ولكنه يصبح شعاراً غير سليم إذا قصد به حصر معركة التحرير بالشعب الفلسطيني ، إذ يؤدي ذلك إلي حرمان النضال الوطني الفلسطيني من عمقه العربي الذي تتطلبه معركة تحرير فلسطين.؟ إن الثورة الفلسطينية تحتاج إلي قواعد ارتكاز محيطة بفلسطين تعتمد عليها في توفير العمق الجغرافي والبشري الذي تحتاجه معركة التحرير. وهناك علاقة عضوية بين النضال الوطني الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربي ، والثورة الفلسطينية والقضية الفلسطينية دور طليعي في تحقيق الأهداف القومية للأمة العربية . (7) الأردن ساحة خاصة وأساسية وقاعدة ارتكاز للثورة الفلسطينية : تعود هذه الخصوصية إلي حجم وطبيعة الوجود الفلسطيني في الأردن. فنسبة الفلسطينيين هناك تبلغ 65% من مجموع السكان ، وقد أصبحوا من الناحية القانونية مواطنين في دولة الأردن لا مجرد لاجئين كما هي الحال في البلدان العربية الأخرى بسبب عملية الدمج والإلحاق التي تمت في مؤتمر أريحا 1948. والثورة الفلسطينية هي المؤولة عن تعبئة وتنظيم الجماهير الفلسطينية في مختلف الأماكن بما فيها الساحة الأردنية . وإذا كان دور الثورة الفلسطينية في عملية التغيير في البلدان العربية الأخرى هو دور العامل المساند ، فدورها في الأردن هو دور الشريك. والساحة الأردنية قاعدة ارتكاز للثورة لجملة أسباب ، منها الحدود الطويلة بين الأردن وفلسطين ، وما توفره الساحة الأردنية للثورة الفلسطينية من قدرة علي التعامل المكثف مع الجماهير الفلسطينية داخل الأرض المحتلة. ومنها وهو الأهم ، إنها في الأردن تقوم بدور طليعي خاص في تحرير الأرض الفلسطينية. وقد ازدادت أهمية الساحة الأردنية -كقاعدة ارتكاز- في ضوء الانتفاضة الباسلة للشعب الفلسطيني. ، وفى ضوء قرار الأردن بفك ارتباطه القانوني والإداري مع الضفة الفلسطينية والمتغيرات التي طرأت علي الوضع في الأردن مؤخراً. (8) الثورة الفلسطينية جزء أساسي من الثورة العالمية علي الإمبريالية والصهيونية والرجعية : تري الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أن معاناة الشعب الفلسطيني من الاضطهاد والظلم والاستبداد والتشرد ليست سوى نتيجة مباشرة لممارسات النظام الرأسمالي العالمي وتطوره إلى مرحلة الإمبريالية . والكيان الصهيوني كيان استيطاني أقامه النظام الرأسمالي ولا يزال يدعمه بكل أسباب القوة والبقاء ليستند إليه كأداة أساسية في تأمين عملية التحكم بالمنطقة ونهب خيراتها واستغلال ثرواتها والإفادة من موقعها الإستراتيجي . والإفادة من موقعها الاستراتيجي. ومن هنا يقف الشعب الفلسطيني في الخندق الذي تقف مختلف الشعوب المضطهدة والطبقات المتضررة من النظام الرأسمالي الاستعماري ، ومعركة هذا الشعب جزء من المعركة الكونية ضد الإمبريالية والقوى المرتبطة بها. (9) حرب الشعب الطويلة الأمد هي الطريق الوحيد للتحرير: إن تحرير فلسطين لا يتم إلا بالعنف الثورى ، ويجب ممارسة كافة أشكال النضال وفي المقدمة منها الكفاح المسلح باعتباره أرقي أشكال النضال ، ولكن التفوق العسكري التكنولوجي للعدو الإمبريالي الصهيوني يجعل الحرب التقليدية السريعة الخاطفة لمصلحة العدو ، لهذا فإن الأسلوب الناجح المستخلص من تجارب الشعوب لمواجهة تفوق العدو هو أسلوب حرب العصابات التي تبدأ في مراحل الكفاح الأولي باستنزاف العدو تدريجياً ، ثم تعبئ مع الوقت الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني والعربي في حرب طويلة مستمرة قادرة في نهاية المسيرة علي تحقيق الانتصار . (10) أهمية الموضوعة التنظيمية : للتنظيم السياسي أهمية كبيرة وبدونه تظل الأهداف السياسية ، وعلى الرغم من صحتها وعدالتها ، أحلاما وتمنيات. والحزب الثورى هو الحزب الذي يعتمد أيديولوجية الطبقة العاملة دليلا نظريا. ويتشكل الحزب أساسا من طلائع الطبقة العاملة في تكوينه الطبقي ، ويستند إلى مبدأ المركزية الديمقراطية في علاقاته الداخلية. أما الجبهة الوطنية المتحدة فهي الإطار التنظيمي الذي يضم مختلف طبقات الثورة وأحزابها ومنظماتها. إن منظمة التحرير الفلسطينية هي الجبهة الوطنية الفلسطينية العريضة التي تناضل الجبهة الشعبية ضمنها على أساس جماعية القيادة ، والعلاقة الديمقراطية بين فصائل الثورة المبنية على قاعدة الاستقلال الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي لكل فصيل ، وتمثيل الفصائل في مؤسسات م.ت.ف بحسب نمو أدوارها في العملية الثورية. وفى إطار منظمة التحرير الفلسطينية وبهدف تعزيز وتعميق وتصليب الوحدة الوطنية تناضل الجبهة لتحقيق وحدة القوي الديمقراطية كخطوة ضرورية علي طريق بناء حزب الطبقة العاملة الفلسطيني الموحد . (11) هدف الثورة الفلسطينية الإستراتيجي تحرير فلسطين واقامة الدولة الديمقراطية على كامل الأرض الفلسطينية : إن هدف النضال الفلسطيني تحرير الأرض الفلسطينية من الوجود الصهيوني الاستيطاني التوسعي وليس الصراع مع العدو الصهيوني قائما علي أساس التعصب القومي أو الديني ، ولذلك تهدف الثورة الفلسطينية إلى تشييد دولة ديمقراطية يتمتع فيها العرب واليهود بحقوق وواجبات متساوية . إن عملية تحرير فلسطين هي عملية تحرير للجماهير اليهودية التي حشدتها الإمبريالية والصهيونية لتستعملها وقوداً في حربها مع جماهير المنطقة. ولذا فإنه من الطبيعي أن تتحالف الثورة الفلسطينية مع القوي اليهودية المناهضة للإمبريالية والصهيونية. وهذه الدولة الفلسطينية ستتحد مع البلدان العربية في إطار مجتمع عربي تقدمي وسيكون اليهود في فلسطين بعد التحرير مواطنين في مجتمع ديمقراطي اشتراكي . وتؤمن الجبهة الشعبية بمرحلة النضال الوطني الفلسطيني ، وتتبني البرنامج المرحلي لـ م.ت.ف المتمثل بحق الشعب الفلسطيني بالعودة إلي دياره وتقرير مصيره واقامة دولته المستقلة. وتري الجبهة أن تحقيق الهدف المرحلي يرتبط أشد الارتباط بتغيير موازيين القوي القائمة ، وأن الإطار المناسب لتحقيقه هو المؤتمر الدولي كامل الصلاحيات الذي تحضره الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن ، وتشارك فيه م.ت.ف علي قدم المساواة إلي جانب الأطراف المعني .................................................. .......... 4-حركة حماس النشأة والتطور: نشأت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" نتيجة تفاعل عوامل عدة عايشها الشعب الفلسطيني منذ النكبة الأولى عام 1948 بشكل عام، وهزيمة عام 1967 بشكل خاص وتتفرع هذه العوامل عن عاملين أساسيين هما : التطورات السياسية للقضية الفلسطينية وما آلت إليه حتى نهاية عام1987، وتطور الصحوة الإسلامية في فلسطين وما وصلت إليه في منتصف الثمانينات . شهدت فلسطين تطوراً واضحاً وملحوظاً في نمو وانتشار الصحوة الإسلامية كغيرها من الأقطار العربية ، الأمر الذي جعل الحركة الإسلامية تنمو وتتطور فكرة وتنظيماً، في فلسطين المحتلة عام1948، وفي أوساط التجمعات الفلسطينية في الشتات وأصبح التيار الإسلامي في فلسطين يدرك أنه يواجه تحدياً عظيماً مرده أمرين اثنين : الأول : تراجع القضية الفلسطينية إلى أدنى سلم أولويات الدول العربية . الثاني : تراجع مشروع الثورة الفلسطينية من مواجهة المشروع الصهيوني وإفرازاته إلى موقع التعايش معه وحصر الخلاف في شروط هذا التعايش. وفي ظل هذين التراجعين وتراكم الآثار السلبية لسياسات الاحتلال الصهيونية القمعية الظالمة ضد الشعب الفلسطيني، ونضوج فكرة المقاومة لدى الشعب الفلسطيني داخل فلسطين وخارجها، كان لا بد من مشروع فلسطيني إسلامي جهادي ، بدأت ملامحه في أسرة الجهاد عام 1981 ومجموعة الشيخ أحمد ياسين عام 1983 وغيرها . ومع نهايات عام 1987 كانت الظروف قد نضجت بما فيه الكفاية لبروز مشروع جديد يواجه المشروع الصهيوني وامتداداته ويقوم على أسس جديدة تتناسب مع التحولات الداخلية والخارجية، فكانت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التعبير العملي عن تفاعل هذه العوامل وقد جاءت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" استجابة طبيعية للظروف التي مر بها الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة منذ استكمال الاحتلال الصهيوني للأرض الفلسطينية عام 1967. وأسهم الوعي العام لدى الشعب الفلسطيني، والوعي المتميز لدى التيار الإسلامي الفلسطيني في بلورة مشروع حركة المقاومة الإسلامية الذي بدأت ملامحه تتكون في عقد الثمانينات . حيث تم تكوين أجنحة لأجهزة المقاومة، كما تم تهيئة القاعدة الجماهيرية للتيار الإسلامي بالاستعداد العملي لمسيرة الصدام الجماهيري مع الاحتلال الصهيوني منذ عام 1986. وكان حادث الاعتداء الآثم الذي نفذه سائق شاحنة صهيوني في 6 كانون الأول/ديسمبر1987، ضد سيارة صغيرة يستقلها عمال عرب وأدى إلى استشهاد أربعة من أبناء الشعب الفلسطيني في مخيم جباليا للاجئين الفلسطينيين ، إعلاناً بدخول مرحلة جديدة من جهاد شعبنا الفلسطيني، فكان الرد بإعلان النفير العام. وصدر البيان الأول عن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" يوم الخامس عشر من ديسمبر 1987 إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في جهاد الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم ، وهي مرحلة يمثل التيار الإسلامي فيها رأس الحربة في المقاومة . وقد أثار بروز حركة "حماس" قلق العدو الصهيوني، واستنفرت أجهزة الاستخبارات الصهيونية كل قواها لرصد الحركة وقياداتها، وما أن لاحظت سلطات الاحتلال استجابة الجماهير للإضرابات ،وبقية فعاليات المقاومة التي دعت لها الحركة منفردة منذ انطلاقتها، وصدور ميثاق الحركة، حتى توالت الاعتقالات التي استهدفت كوادر الحركة وأنصارها منذ ذلك التاريخ . وكانت اكبر حملة اعتقالات تعرضت لها الحركة آنذاك في شهر أيار /مايو 1989، وطالت تلك الحملة القائد المؤسس الشيخ المجاهد أحمد ياسين . ومع تطور أساليب المقاومة لدى الحركة التي شملت أسر الجنود الصهاينة. في شتاء عام 1989 وابتكار حرب السكاكين ضد جنود الاحتلال عام 1990 جرت حملة اعتقالات كبيرة ضد الحركة في ديسمبر/1990 ، وقامت سلطات الاحتلال بإبعاد أربعة من رموز الحركة وقيادييها، واعتبرت مجرد الانتساب للحركة جناية يقاضى فاعلها بأحكام عالية ! ودخلت الحركة طوراً جديداً منذ الإعلان عن تأسيس جناحها العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام في نهاية عام 1991 وقد أخذت نشاطات الجهاز الجديد منحى متصاعدا ً، ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، وفي ديسمبر 1992 نفذ مقاتلو الحركة عملية أسر الجندي نسيم توليدانو، قامت على إثرها السلطات الصهيونية بحملة اعتقالات شرسة ضد أنصار وكوادر الحركة، واتخذ رئيس وزراء العدو الأسبق إسحاق رابين قراراً بإبعاد 415 رمزاً من رموز شعبنا كأول سابقة في الإبعاد الجماعي ، عقاباً لحركة حماس . وقدم مبعدو حركتي "حماس" والجهاد الإسلامي نموذجاً رائعاً للمناضل المتشبث بأرضه مهما كان الثمن، مما اضطر رابين إلى الموافقة على عودتهم بعد مرور عام على إبعادهم قضوه في العراء في مخيم مؤقت في مرج الزهور في جنوب لبنان. لم توقف عملية الإبعاد نشاط حركة "حماس" ولا جهازها العسكري حيث سجل العام 1993معدلاً مرتفعاً في المواجهات الجماهيرية بين أبناء الشعب الفلسطيني وجنود الاحتلال الصهيوني ، ترافق مع تنامي الهجمات العسكرية ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، وفي أعقاب تنامي موجة المقاومة الشعبية فرض العدو إغلاقاً مشدداً على الضفة الغربية وقطاع غزة في محاولة للحد من تصاعد المقاومة . وفي/فبراير/ 1994 أقدم مستوطن إرهابي يهودي يدعى باروخ غولدشتاين على تنفيذ جريمة بحق المصلين في المسجد الإبراهيمي في الخليل مما أدى لاستشهاد نحو 30 فلسطينياً وجرح نحو100 آخرين برصاص الإرهابي اليهودي . حجم الجريمة وتفاعلاتها دفعت حركة "حماس" لاعلان حرب شاملة ضد الاحتلال الصهيوني وتوسيع دائرة عملياتها لتشمل كل إسرائيلي يستوطن الأرض العربية في فلسطين لارغام الصهاينة على وقف جرائمهم ضد المدنيين الفلسطينيين العزل . اليوم تقف حركة "حماس" كقوة أولى في مواجهة المشروع الصهيوني، وهي رغم الحملة الشاملة المعادية التي تعرضت لها ما زالت القوة الرئيسية التي تحفظ للقضية الفلسطينية استمرارها وتمنح الشعب الفلسطيني وجميع أبناء الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم ثقة بإمكانية التصدي للمشروع الصهيوني الذي يعيش منذ بداية التسعينات عصره الذهبي ، وأملاً بإمكانية هزيمته وتدميره بإذن الله . • الصراع مع الصهيونية في فكر "حماس" : تعتقد حركة "حماس" أن الصراع مع الصهاينة في فلسطين صراع وجود فهو صراع حضاري مصيري لا يمكن إنهاؤه إلا بزوال سببه، وهو الاستيطان الصهيوني في فلسطين واغتصاب أرضها وطرد وتهجير سكانها. وترى حركة "حماس" في الدولة العبرية مشروعاً شمولياً معادياً لا مجرد كيان ذي أطماع إقليمية، وهو مشروع مكمل لأطماع قوى الاستعمار الحديث الرامية للسيطرة على مقدرات الأمة وثرواتها ومنع قيام أي تجمع نهضوي في صفوفها عن طريق تعزيز التجزئة القطرية وسلخ الأمة عن جذورها الحضارية وتكريس الهيمنة الاقتصادية والسياسية والعسكرية وحتى الفكرية عليها . وتشكل الدولة العبرية وسيلة فعالة لكسر التواصل الجغرافي بين دول المركز العربي، وأداة استنزاف لمقدرات الأمة وجهودها ، كما أنها رأس الحربة في ضرب أي مشروع نهضوي. ولئن كانت فلسطين هي ساحة المواجهة الرئيسية مع المشروع باعتبارها قاعدة انطلاقته ومحطة استقراره، فإن مخاطر وتحديات المشروع الصهيوني تتسع لتشمل كل الدول الإسلامية، وتعتقد حركة "حماس" إن الخطر الصهيوني كان منذ نشأته تهديداً لجميع الدول العربية وعمقها الاستراتيجي الدول الإسلامية ، غير أن سنوات التسعين شهدت تحولات ضخمة أبرزت هذا الخطر الذي لن يتوقف عند حدود . وترى "حماس" أن خير طريقة لإدارة الصراع مع العدو الصهيوني، هي حشد طاقات الشعب الفلسطيني، لحمل راية الجهاد والكفاح ضد الوجود الصهيوني في فلسطين بكل السبل الممكنة، وإبقاء جذوة الصراع مشتعلة، لحين استكمال شروط حسم المعركة مع العدو من نهوض الأمة العربية والإسلامية واستكمال أسباب القوة وحشد طاقاتها وإمكاناتها وتوحيد إرادتها وقرارها السياسي . والى أن يتحقق ذلك ، وإيماناً بقدسية فلسطين ومنزلتها الإسلامية ، وإدراكاً لأبعاد ومخاطر المشروع الصهيوني في فلسطين، فإن "حماس" تعتقد أنه لا يجوز بحال من الأحوال التفريط بأي جزء من أرض فلسطين، او الاعتراف بشرعية الاحتلال الصهيوني لها، وأنه يجب على أهل فلسطين ، وعلى جميع العرب والمسلمين ، إعداد العدة لقتال الصهاينة حتى يخرجوا من فلسطين كما هجروا إليها . • العمل العسكري في برنامج "حماس": تمثل الدولة العبرية مشروعاً مناهضاً لكل مشاريع النهضة العربية والإسلامية، إذ لولا حالة الانحطاط والتردي الحضاري التي تمر بها الأمة لما استطاع الصهاينة تحقيق حلمهم بإقامة دولتهم فوق أرض فلسطين ، وهي حقيقة يدركها الصهاينة ويعبرون عنها بمعارضتهم قولاً وفعلاً لأي برنامج من شأنه أن يضيف جديداً للقدرات العربية والإسلامية ، إذ يرون أن محاولة النهوض العربية والإسلامية تشكل خطراً استراتيجياً على إسرائيلي . كما يؤمن الصهاينة أن توحد القوة العربية أو اتحادها على قاعدة مشروع نهضة شامل من شأنه أن يشكل الخطر الأساسي على الدولة العبرية ، وهو إيمان دفع قادة الدولة منذ نشأتها إلى العمل على التحول من كيان غريب وشاذ داخل المحيط العربي والإسلامي إلى جزء منه بفعل الاقتصاد وهو ما يفسر إصرار أنصار التسوية على تسويق مشاريع تحت عباءة الاقتصاد . من هنا يمكن فهم دور العمل العسكري في مشروع حركة " حماس " ، فالعمل العسكري يشكل الوسيلة الاستراتيجية لدى الحركة من أجل مواجهة المشروع الصهيوني ، وهو - في ظل غياب المشروع العربي والإسلامي الشامل للتحرير - سيبقى الضمانة الوحيدة لاستمرار الصراع وإشعال العدو الصهيوني عن التمدد خارج فلسطين . كما أن العمل العسكري في بعده الاستراتيجي يشكل وسيلة الشعب الفلسطيني الأساسية للإبقاء على جذوة الصراع متقدة في فلسطين المحتلة، والحيلولة دون المخططات الإسرائيلية الرامية لنقل بؤرة التوتر إلى أنحاء مختلفة من العالمين العربي والإسلامي . كذلك فإن العمل العسكري يعتبر أداة ردع لمنع الصهاينة من الاستمرار في استهداف أمن الشعب الفلسطيني ، وهو ما أثبتته سلسلة الهجمات البطولية التي نفذتها الحركة رداً على جريمة الإرهابي باروخ غولدشتاين ضد المصلين في المسجد الإبراهيمي . كما إن من شأن مواصلة هذا النهج وتصعيده الضغط على الصهاينة لإرغامهم على وقف ممارستهم المعادية لمصالح وحقوق أهلنا في الضفة الغربية وقطاع غزة . وترى حركة "حماس" أن اندماج إسرائيل في المنطقة العربية والإسلامية من شأنه تعطيل أي مشروع نهضوي للأمة،حيث تهدف إسرائيل إلى استثمار ضعف الأمة أمام إسرائيل المدعومة من قبل الولايات المتحدة ومنظومتها الحضارية من أجل إنجاز مشروع التسوية الهادف في جوهره إلى ربط اقتصاديات الدول العربية وإمكاناتها المختلفة بمنظومة جديدة عمادها إسرائيل . إن مقاومة حركة "حماس" للاحتلال ليست موجهة ضد اليهود كأصحاب دين وإنما هي موجهة ضد الاحتلال ووجوده وممارساته القمعية . وهذه المقاومة ليست مرتبطة بعملية السلام في المنطقة كما تزعم الدولة العبرية وانصار التسوية السياسية الجارية على أساس الخلل القائم في موازين القوى ، فالمقاومة بدأت قبل انعقاد مؤتمر مدريد . والحركة ليست لها عداوة أو معركة مع أي طرف دولي ، ولا تتبنى مهاجمة مصالح وممتلكات الدول المختلفة، لأنها تعتبر أن ساحة مقاومتها ضد الاحتلال الصهيوني تنحصر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة ،وحينما هدد المسؤولون الصهاينة بنقل المعركة مع "حماس" خارج حدود الأراضي المحتلة حذرت حماس السلطات الصهيونية من خطورة الإقدام على مثل هذه الخطوة ، وهو ما يؤكد حرص الحركة على عدم توسيع دائرة الصراع . وتستهدف حركة "حماس" في مقاومتها للاحتلال ضرب الأهداف العسكرية، وتحرص على تجنب ان تؤدي مقاومتها إلى سقوط مدنيين . وحتى في بعض الحالات التي سقط فيها عدد من المدنيين في أعمال المقاومة التي تمارسها الحركة، فإنها قد جاءت من قبيل الدفاع عن النفس والرد بالمثل على المذابح الإرهابية التي ارتكبت بحق المدنيين الأبرياء من الشعب الفلسطيني كما حدث في مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل ، حيث قتل الفلسطينيون وهم يؤدون الصلاة داخل المسجد على أيدي المستوطنين وقوات الاحتلال. ولتأكيد حرصها على تجنب التعرض للمدنيين من كلا الجانبين، طرحت حركة "حماس" مراراً مبادرات إنسانية تقوم على توقف الطرفين عن استهداف المدنيين وإخراجهم من دائرة الصراع، ولكن الصهاينة رفضوا هذه المبادرة وتجاهلوها بشكل يؤكد طبيعتهم الإرهابية وعدم حرصهم على حقن دماء أبناء الشعب الفلسطيني الأبرياء . فحركة "حماس" تحرص بشدة على أن تراعي في أنشطتها ومقاومتها للاحتلال الإسرائيلي تعاليم الإسلام السامية وقواعد حقوق الإنسان والقانون الدولي ، وهي لا تقوم بمقاومتها المشروعة رغبة في القتل أو سفك الدماء كما يفعل الصهاينة . • موقف حركة "حماس" من التسوية السياسية : لقد أكدت حركة "حماس" مراراً أنها ليست ضد مبدأ السلام فهي مع السلام وتدعو له وتسعى لتحقيقه، وتتفق مع جميع دول العالم على أهمية أن يسود ربوع العالم اجمع ، ولكنها مع السلام العادل الذي يعيد الحقوق للشعب الفلسطيني ويمكنه من ممارسة حقه في الحرية والعودة والاستقلال وتقرير المصير. والحركة ترى أن الاتفاقات التي تم التوصل إليها حتى الآن ، لا تلبي طموحات الشعب الفلسطيني ولا تستجيب للحد الأدنى من تطلعاته. فهي اتفاقات غير عادلة ، وتلحق الظلم والضرر بشعبنا، وتكافئ الجانب المعتدي على اعتدائه وتعترف له بحقه فيما استلبه من الآخرين، وهي محاولة لإملاء وفرض شروط الطرف المنتصر ومطالبة المظلوم بالتنازل عن حقوقه. وسلام ظالم بهذه المواصفات الظالمة لا يكتب له النجاح أو الحياة طويلاً . كما أن مبدأ التسوية السياسية أياً كان مصدرها، أو أيا كانت بنودها ، فإنها تنطوي على التسليم للعدو الصهيوني بحق الوجود في معظم أرض فلسطين، وما يترتب عليه من حرمان الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني، من حق العودة، وتقرير المصير، وبناء الدولة المستقلة. على كامل الأرض الفلسطينية ، وإقامة المؤسسات الوطنية. وهو أمر لا ينافي فقط القيم والمواثيق والأعراف الدولية والإنسانية ، بل يدخل في دائرة المحظور في الفقه الإسلامي ، ولا يجوز القبول به. فأرض فلسطين أرض إسلامية مباركة اغتصبها الصهاينة عنوة، ومن واجب المسلمين الجهاد من أجل استرجاعها وطرد المحتل منها . وبناءً على ذلك، فقد رفضت الحركة مشروع شولتز وبيكر ونقاط مبارك العشر وخطة شامير ومسيرة مدريد -واشنطن. وتعتقد "حماس" أن أخطر مشاريع التسوية التي طرحت حتى الآن هي مشروع اتفاق "غزة - أريحا أولا " الذي تم التوقيع عليه في واشنطن بتاريخ 13/سبتمبر/1993م بين الكيان الصهيوني و قيادة م.ت.ف، ووثيقة الاعتراف المتبادل بين الطرفين وما تلاها من اتفاقات حملت أسماء القاهرة وطابا وغيرها ، وتأتي خطورة هذه الاتفاقات ليس فقط من مضمونها المقر بشرعية السيادة الصهيونية على جميع أنحاء فلسطين ، وتطبيع العلاقات الصهيونية العربية ، وإطلاق يد الهيمنة الصهيونية على المنطقة فحسب ، بل تأتي الخطورة من رضا وموافقة طرف فلسطيني، وإن كان لا يمثل الشعب الفلسطيني تمثيلاً حقيقياً . لأن ذلك يعني إغلاق الملف الفلسطيني ، وحرمان الشعب الفلسطيني ، من حق المطالبة بحقوقه المشروعة ، أو استخدامه الوسائل المشروعة للحصول عليها ، فضلاً عن تكريس حرمان معظم الشعب الفلسطيني من العيش فوق أرضه ووطنه ، وما يترتب على ذلك من نتائج قد لا يقتصر تأثيرها على الشعب الفلسطيني فحسب ، بل يتعدى ذلك الشعوب العربية والإسلامية . ونظراً لخطورة التسوية المطروحة حالياً، فقد تبنت الحركة موقفاً يقوم على النقاط التالية : 1 - توعية الشعب الفلسطيني بخطورة التسوية، والاتفاقات الناجمة عنها. 2 - العمل على تكتيل القوى الفلسطينية المعارضة لمسيرة التسوية والاتفاقات الناجمة عنها، والتعبير عن موقفها في الساحات الفلسطينية والعربية والدولية. 3 - مطالبة القيادة المتنفذة في م.ت.ف بضرورة الانسحاب من المفاوضات مع الكيان الصهيوني ، والتراجع عن اتفاق غزة - أريحا الذي يهدد وجود شعبنا في فلسطين والشتات، في الحاضر والمستقبل . 4 - الاتصال بالدول العربية والإسلامية المعنية ، ومطالبتها بالانسحاب من المفاوضات ، وعدم الاستجابة لمؤامرة تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني ، والوقوف إلى جانبنا في مواجهة العدو الصهيوني ومشروعه . • الموقف من القوى الفلسطينية : 1- ترى "حماس"أن ساحة العمل الوطني الفلسطيني تتسع لكل الرؤى والاجتهادات في مقاومة المشروع الصهيوني ، وتعتقد أن وحدة العمل الوطني الفلسطيني غاية ينبغي على جميع القوى والفصائل والفعاليات الفلسطينية العمل من أجل الوصول إليها . 2 - تسعى "حماس" إلى التعاون والتنسيق مع جميع القوى والفصائل والفعاليات العاملة على الساحة، انطلاقاً من قاعدة تغليب القواسم المشتركة ومساحات الاتفاق على مواقع الاختلاف . 3 - تسعى "حماس" لتعزيز العمل الوطني المشترك ، وترى أن أية صيغة للعمل الوطني الفلسطيني المشترك ، يجب أن تقوم على أساس الالتزام بالعمل على تحرير فلسطين ، وعدم الاعتراف بالعدو الصهيوني، أو إعطائه حق الوجود على أي جزء من فلسطين . 4 - تعتقد "حماس" أنه مهما بلغت الخلافات في وجهات النظر أو تباينت الاجتهادات في ساحة العمل الوطني ، فإنه لا يجوز بحال من الأحوال ، لكائن من كان ، أن يستخدم العنف أو السلاح ، لفض المنازعات أو حل الاشكالات ، أو فرض الآراء والتصورات داخل الساحة الفلسطينية . 5 - تدافع "حماس" عن قضايا الشعب الفلسطيني من غير تمييز على أساس ديني أو عرقي أو فئوي، وتؤمن بحق الشعب الفلسطيني، بكل فئاته وطوائفه في الدفاع عن أرضه وتحرير وطنه، وتؤمن بأن الشعب الفلسطيني شعب واحد بمسلميه ومسيحييه . • الموقف من سلطة الحكم الذاتي: ترى حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن "سلطة الحكم الذاتي" ليست أكثر من إفراز من إفرازات اتفاقات التعايش مع العدو الصهيوني وتؤمن الحركة أن الصهاينة وافقوا على إقامة هذه السلطة لتحقيق مجموعة من أهدافهم الآنية والبعيدة فالسلطة المدعومة بنحو 30 ألف مسلح يشكلون جهاز شرطة خاص متعدد المسميات مطالبة بتنفيذ التزامتها التي تعهدت بها في الاتفاقات ، وفي مقدمة هذه الالتزامات التصدي لعمليات المقاومة وضرب فصائلها ، وأضعافها بحجة حماية مسيرة التسوية واتفاقات السلطة مع إسرائيلي . كما أن السلطة بصورتها المرتهنة لاتفاقات أوسلو تشكل ستاراً من شأنه إضفاء نوع من الشرعية على الاحتلال وممارساته ، فعندما وافقت السلطة - مثلاً - على شق طرق التفافية للمستوطنين فهي إنما منحت الاستيطان الصهيوني شرعية قانونية . إن حركة "حماس" تؤمن أن الصهاينة حاولوا تجنب مواجهة الحركة وبرنامجها الجهادي عبر الاختباء خلف سلطة الحكم الذاتي ، وتدرك الحركة أن انشغال الحركة في مواجهة عسكرية مع سلطة الحكم الذاتي يحقق هدفاً هاماً للصهاينة ويلبي جزءاً من طموحاتهم ، وقد انعكس هذا الإدراك على مواقف حركة "حماس" التي تجنبت بكل حزم الانجرار لصراع مع السلطة رغم ممارسات السلطة القمعية وتعدياتها على حقوق الإنسان في مناطق الحكم الذاتي والتي بلغت حد اغتيال المجاهدين واطلاق الرصاص على المصلين واعتقال المئات من أبناء الشعب الفلسطيني بحجة تأييدهم لفصائل المقاومة الفلسطينية ، وتعريض المعتقلين لأبشع صنوف التعذيب مما أدى إلى وفاة عدد من المعتقلين جرّاء التعذيب. إن حركة "حماس" ترى في اتفاقات أوسلو صيغة مضللة لتصفية القضية الفلسطينية ، وتوفير الأمن للصهاينة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني ، غير أنها تتمسك بمعارضة هذه الاتفاقات وتعمل على إسقاطها بالوسائل الشعبية والجماهيرية ، دون التعرض للسلطة ورموزها بالعنف ، وتؤمن الحركة أن مصير السلطة ومشروعها السياسي الفشل والانحسار في الشق الأمني لاتفاقات أوسلو . • موقف "حماس من أصحاب الديانات السماوية الأخرى: تؤمن حركة "حماس" أن الإسلام هو دين الوحدة والمساواة والتسامح والحرية، وهي حركة ذات أبعاد إنسانية حضارية، لا تعادي إلا من ناصب الأمة العداء ، وترى حركة "حماس" أن العيش في ظل الإسلام هو الجو الأمثل للتعايش بين أهل الديانات السماوية ، والتاريخ خير شاهد على ذلك. وتسترشد الحركة بقوله تعالى {لا إكراه في الدين}، وقوله جل وعلا {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين} . من هذه المنطلقات تحترم حركة "حماس" حقوق أهل الديانات السماوية الأخرى، وتعتبر المسيحيين الموجودين على ارض فلسطين شركاء في الوطن تعرضوا لنفس الممارسات التي تعرض لها إخوانهم المسلمين من سلطات الاحتلال سواء بسواء ، وشاركوا في مواجهة الاحتلال والتصدي لإجراءاته العنصرية ، فهم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني لهم كامل الحقوق وعليهم كامل الواجبات . • الموقف من حركات التحرر الأخرى : وكحركة مقاومة تواجه الاحتلال والعنصرية الإسرائيلية ، فإن حركة حماس تتعاطف مع قضايا التحرر العالمي وتؤيد التطلعات المشروعة للشعوب الساعية للتحرر والتخلص من الاحتلال وسياسة التفرقة والعنصرية، وقد تضامنت "حماس" مع نضال شعب جنوب إفريقيا ضد التفرقة العنصرية ورحبت بإنهاء الوضع العنصري الظالم الذي كان سائداً هناك . • العلاقات الخارجية : 1 - تؤمن "حماس" بأن اختلاف المواقف حول المستجدات لا يحول دون اتصالها وتعاونها مع أي من الجهات التي لديها الاستعداد لدعم صمود ومقاومة شعبنا للاحتلال الغاشم .. 2 - حركة "حماس" غير معنية بالشؤون الداخلية للدول ولا تتدخل بسياسات الحكومات المحلية. 3 - تعمل "حماس" على تشجيع الحكومات العربية والإسلامية على حل خلافاتها وتوحيد مواقفها إزاء القضايا القومية ، لكنها ترفض أن تقف مع طرف واحد ضد الآخر ، أو أن تكون طرفاً في أي محور سياسي ضد محور آخر . 4 - تؤمن "حماس" بالوحدة العربية والإسلامية وتبارك أي جهد يبذل في هذا المجال . 5 - تطلب "حماس" من جميع الحكومات والأحزاب والقوى العربية والإسلامية أن تقوم بواجبها لنصرة قضية شعبنا ودعم صموده ومواجهته للاحتلال الصهيوني، وتسهيل عمل حركتنا لإعانتها في أداء مهمتها . 6 - تؤمن "حماس" بأهمية الحوار مع جميع الحكومات والأحزاب والقوى الدولية بغض النظر عن عقيدتها أو جنسيتها أو نظامها السياسي ، ولا مانع لديها من التعاون مع أي جهة لصالح خدمة قضية شعبنا العادلة وحصوله على حقوقه المشروعة ، أو تعريف الرأي العام بممارسة الاحتلال الصهيوني، وإجراءاته اللاإنسانية ضد شعبنا الفلسطيني. 7 - "حماس" لا تعادي أحداً على أساس المعتقد الديني أو العرق ، ولا تناهض أي دولة أو منظمة ما لم تمارس الظلم ضد شعبنا، أو تناصر الاحتلال الصهيوني في ممارساته العدوانية ضد أبناء شعبنا. 8 - تحرص "حماس" على حصر ساحة المواجهة مع الاحتلال الصهيوني في فلسطين، وعدم نقلها إلى أي ساحة خارجية . 9 - تتطلع حركة"حماس" إلى الدول والمنظمات والهيئات الدولية، وحركات ا لتحرر العالمية للوقوف إلى جانب قضية شعبنا العادلة ، وإدانة الممارسات القمعية لسلطات الاحتلال المخالفة لقواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان ، وتكوين رأي عام عالمي ضاغط على الكيان الصهيوني لإنهاء احتلاله الغاشم لأرضنا ومقدساتنا مع تحيات ابن الجبهه الديمقراطية |
|
|
|
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|